1. الملخص التنفيذي
يمثل تأسيس مصرف جديد في سورية فرصة استثمارية معقدة، محفوفة بمخاطر عالية ولكنها تحمل في طياتها إمكانات نمو كبيرة على المدى الطويل، خاصة في سياق جهود التعافي وإعادة الإعمار. يشهد الاقتصاد السوري تحديات هيكلية عميقة، بما في ذلك انكماش الناتج المحلي الإجمالي، ارتفاع معدلات الفقر، وأزمة سيولة حادة، فضلاً عن تأثير العقوبات الدولية التي تعيق الوصول إلى النظام المالي العالمي. ومع ذلك، تظهر مؤشرات على توجه نحو الرقمنة في القطاع المصرفي، وحاجة ماسة لإعادة بناء الثقة، مما يخلق فرصًا للابتكار والشمول المالي.
يتطلب النجاح في هذا السوق تبني نموذج مصرفي مرن يركز على بناء الثقة من خلال الشفافية والامتثال الصارم للمعايير الدولية لمكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب، والاستثمار المكثف في الخدمات المصرفية الرقمية. كما يجب على المصرف المقترح تأمين رأس مال يتجاوز الحد الأدنى القانوني بكثير لضمان الاستقرار في بيئة اقتصادية متقلبة، واستهداف شرائح السوق غير المخدومة من خلال خدمات الشمول المالي. التوصيات الاستراتيجية تشمل البدء بمقر رئيسي في دمشق والتوسع التدريجي في المدن الرئيسية الأخرى، مع تطوير كوادر بشرية مؤهلة وإطار قوي لإدارة المخاطر.
2. مقدمة
يُعد القطاع المصرفي عصب أي اقتصاد حديث، فهو يلعب دورًا محوريًا في تعبئة المدخرات وتوجيهها نحو الاستثمار، وبالتالي دعم النمو الاقتصادي وتوفير الخدمات المالية الأساسية للأفراد والشركات. في سورية، وبعد سنوات من الصراع والتحديات الاقتصادية، تبرز الحاجة الملحة لإعادة تنشيط هذا القطاع كركيزة أساسية لدفع عجلة التعافي وإعادة الإعمار. تهدف هذه الدراسة إلى تقديم تحليل جدوى متكامل لتأسيس مصرف جديد في سورية، مستعرضة الواقع الراهن للسوق، المتطلبات الفنية والقانونية، الهيكل الإداري المقترح، تقدير التكاليف، وتوقعات الربحية. يرتكز التحليل على بيانات دقيقة من المصادر المتاحة، مع التركيز على استخلاص العوامل الحاسمة التي يمكن أن تؤثر على نجاح هذا المشروع الطموح في بيئة معقدة ومتغيرة.
3. الواقع الراهن للسوق السورية والقطاع المالي
3.1. الوضع الاقتصادي الكلي في سورية (2024-2025)
يشهد الاقتصاد السوري في الفترة الحالية والمستقبلية القريبة تحديات جسيمة تعكس سنوات طويلة من الصراع والاضطرابات. يتوقع البنك الدولي نموًا متواضعًا للناتج المحلي الإجمالي بنسبة 1% فقط في عام 2025، وذلك بعد انكماش كبير بلغ 1.5% في عام 2024.1 هذا النمو المتواضع لا يعكس تعافيًا قويًا، بل هو ارتداد ضعيف من انكماش تراكمي تجاوز 50% منذ عام 2010.1 هذا الانكماش الهيكلي العميق للقاعدة الاقتصادية يشير إلى أن أي مصرف جديد سيعمل في بيئة ذات نشاط اقتصادي محدود للغاية وقوة شرائية منخفضة. هذا الواقع يتطلب في البداية تركيزًا على الخدمات المصرفية الأساسية ذات المخاطر المنخفضة، بدلاً من المنتجات المالية المعقدة التي تتطلب سوقًا مزدهرًا.
يُعد انخفاض نصيب الفرد من إجمالي الدخل القومي إلى 830 دولارًا أمريكيًا في عام 2024، وهو ما يضعه دون الحد الدولي للبلدان منخفضة الدخل، مؤشرًا صارخًا على تفاقم الأوضاع المعيشية.1 يطال الفقر المدقع واحدًا من كل أربعة سوريين، ويعيش ثلثا السكان تحت خط الفقر.1 هذه الأرقام تؤكد أن السوق المستهدف للمصرف الجديد سيضم شريحة واسعة من السكان ذوي الدخل المنخفض، مما يستدعي نماذج أعمال تركز على الشمول المالي والخدمات المصرفية الأساسية.
تعاني سورية أيضًا من أزمة سيولة حادة، تتجلى في نقص الأوراق النقدية الورقية واضطرابات واسعة في تداول العملة المحلية.1 في هذا السياق، أكد حاكم مصرف سورية المركزي أن الأزمة الحقيقية التي يواجهها القطاع المصرفي تتعلق بالثقة أكثر من السيولة.3 هذا التفسير يشير إلى أن مجرد توفير رأس المال قد لا يكون كافيًا؛ بل يجب على المصرف الجديد أن يعمل بجدية على استعادة ثقة الجمهور من خلال الشفافية والموثوقية والخدمات المستقرة.
تُشكل العقوبات الدولية، لا سيما الأمريكية، تحديًا رئيسيًا يعيق إمكانية تعافي الاقتصاد والقطاع المصرفي.4 فتجميد الأصول الخارجية وتقييد الوصول إلى الخدمات المصرفية الدولية يعرقل إمدادات الطاقة، المساعدات الخارجية، الدعم الإنساني، فضلاً عن أنشطة التجارة والاستثمار.1 هذا الوضع يفرض عزلة على النظام المالي السوري ويمنع تدفق رأس المال الأجنبي، مما يحد بشكل كبير من قدرة أي.
مصرف جديد على إجراء معاملات دولية أو جذب استثمارات خارجية. لذلك، يجب على المصرف المقترح تطوير آليات امتثال داخلية صارمة والتركيز على العمليات المحلية أو الأسواق المتوافقة مع العقوبات.
وعلى الرغم من هذه التحديات، تبذل السلطات السورية جهودًا لاستعادة النمو الاقتصادي، وتعتزم اتباع سياسات اقتصادية سليمة.6 وقد ناقش صندوق النقد الدولي إعادة بناء الثقة في البنوك وإعادة الارتباط بالنظام المالي الدولي.6 يعمل الصندوق على وضع خريطة طريق مفصلة لأولويات السياسات وبناء القدرات للمؤسسات الاقتصادية الرئيسية.6 كما يرصد البنك الدولي الأثر الاجتماعي والاقتصادي للصراع ويستعد لجهود التعافي.1 وتشير بعض التقارير إلى تخفيف محدود لبعض العقوبات الغربية عن قطاع النفط، مما قد يفتح بعض الإمكانيات الإيجابية للنمو، وإن كان التحسن يبقى محدودًا.1 هذه التطورات، وإن كانت بطيئة، قد توفر نافذة فرص للمصرف الجديد للمساهمة في جهود التعافي.
3.2. البيئة التنظيمية والمصرف المركزي السوري
يلعب مصرف سورية المركزي دورًا محوريًا في الحفاظ على الاستقرار النقدي والمالي ودعم نمو الاقتصاد الوطني.9 يتولى المصرف المركزي مهام تشغيلية وتنظيمية وإشرافية ورقابية على نظم الدفع والتقاص والتسوية.9 هذا الدور الرقابي الشامل يوفر إطارًا تنظيميًا للمصارف العاملة، مما يضمن مستوى معينًا من الاستقرار والالتزام بالمعايير.
يُظهر المصرف المركزي اهتمامًا بتطوير البنية التحتية المالية، حيث قام بطرح أربع إصدارات من شهادات الإيداع التقليدية بالليرة السورية للمصارف التقليدية العاملة.9 كما يشرف على الدفع الإلكتروني ويضع الخطط اللازمة لتدريب وتأهيل الموارد البشرية للنهوض به.9 وفي خطوة حديثة، أعلن المصرف المركزي عن مذكرة تفاهم لتشكيل مجموعة العمل المشتركة حول التقنيات المالية مع وزارة الاتصالات.10 هذه الخطوات تشير إلى توجه استراتيجي واضح نحو التحول الرقمي في القطاع المالي. هذا التوجه يمثل فرصة كبيرة لمصرف جديد لتبني استراتيجية رقمية في جوهره، والاستفادة من الدعم التنظيمي المحتمل للابتكار في التقنيات المالية.
وفقًا لبيانات المصرف المركزي السوري حتى نهاية سبتمبر 2024، بلغت الودائع لدى المصارف الخاصة 20,585 مليار ليرة سورية، بينما بلغت التسهيلات المقدمة من المصارف الخاصة 9,105 مليار ليرة سورية.10 وبلغ سعر الفائدة السوقي على القروض 18.6%.10 هذه الأرقام، إلى جانب متوسط النشرة الرسمية للدولار الأمريكي مقابل الليرة السورية البالغ 11,055.00 10، تكشف عن مؤشرات سوقية معقدة. على الرغم من الانكماش الاقتصادي، هناك ودائع كبيرة في المصارف الخاصة، مما يشير إلى وجود سيولة كامنة. الفجوة بين الودائع والتسهيلات الممنوحة، بالإضافة إلى ارتفاع سعر الفائدة على القروض، قد يشير إلى طلب مرتفع على الائتمان أو إلى مخاطر ائتمانية عالية، مما يخلق فرصة لمصرف جديد يمكنه إدارة المخاطر بفعالية وتوجيه التمويل نحو القطاعات المنتجة.
3.3. القطاع المصرفي السوري الحالي
تبلغ قيمة أصول القطاع المصرفي السوري حوالي 3.9 مليار دولار أمريكي، مقابل ودائع تقدر بنحو 1.45 مليار دولار.11 هذا الحجم النسبي لأصول القطاع يعكس حجم الاقتصاد المتضرر. تضم قائمة البنوك العاملة في سورية مزيجًا من المصارف الحكومية والخاصة، مثل البنك العربي (سورية)، بنك الشرق، بنك بيمو السعودي الفرنسي، بنك سورية والمهجر، بنك قطر الوطني – سورية، بالإضافة إلى المصارف الحكومية الكبرى كالمصرف التجاري السوري والمصرف الزراعي والصناعي والعقاري.12
تُعد عودة الاستثمارات المصرفية إلى سورية محفوفة بتحديات كبيرة، أبرزها العقوبات الأمريكية والغربية التي تشل حركة الاستثمار وتمنع التحويلات المالية.4 هذه العقوبات تخلق بيئة عالية المخاطر للمصارف، وتحد من قدرتها على الاندماج في النظام المالي العالمي. علاوة على ذلك، يواجه القطاع المصرفي تحديات داخلية مثل الفساد الإداري والمالي، خاصة في ملف القروض الكبرى الممنوحة لرجال أعمال متنفذين.5 هذه المشكلات الهيكلية تضعف الثقة في النظام المصرفي القائم.
تُعتبر أزمة الثقة في القطاع المصرفي السوري قضية محورية. فالمصرف المركزي السوري نفسه يرى أن أزمة القطاع تتعلق بالثقة لا السيولة.3 وفي محاولة لتحفيز هذه الثقة، قام المصرف المركزي برفع سقف السحب النقدي لحسابات جديدة.15 هذه الظروف تتطلب من أي مصرف جديد أن يتبنى نموذجًا مصرفيًا مختلفًا وموثوقًا به. مجرد إضافة بنك تقليدي آخر لن يحل المشكلات النظامية الأساسية. يجب على المصرف الجديد أن يتميز بإطار حوكمة قوي وعمليات شفافة والتزام واضح بالممارسات الأخلاقية، لتمييز نفسه عن المؤسسات القائمة واستعادة ثقة الجمهور.
في ظل هذه التحديات، تظهر فرصة محتملة للمصرف الجديد. فمعاناة المصارف اللبنانية، التي كان لها حضور تاريخي في سورية، من أزمة سيولة حادة وفقدان الثقة الدولية 4، قد تخلق فراغًا في السوق. هذا الوضع، على الرغم من كونه محفوفًا بالمخاطر، يمكن أن يتيح
لمصرف جديد ذي رأسمال جيد وموقع استراتيجي أن يملأ هذا الفراغ. ومع ذلك، فإن الاستفادة من هذه الفرصة تتطلب إطارًا قويًا لإدارة المخاطر لضمان المرونة في بيئة غير مستقرة.
4 . المتطلبات الفنية والقانونية لتأسيس المصرف الجديد
4.1. متطلبات الترخيص ورأس المال
تخضع عملية تأسيس وترخيص مصرف جديد في سورية لإطار قانوني وتنظيمي محدد من قبل مصرف سورية المركزي. يُعد تحديد رأس المال المطلوب أحد أهم المتطلبات الأساسية. ينص القانون على ألا يقل رأس مال المصرف عن 10 مليارات ليرة سورية.16 هذا المبلغ، وإن كان كبيرًا بالقيمة الاسمية المحلية، فإنه يعادل حوالي 904,568 دولارًا أمريكيًا بسعر الصرف الرسمي البالغ 11,055 ليرة سورية للدولار الواحد في يوليو 2025.10 هذا المبلغ يعتبر منخفضًا جدًا بالمعايير المصرفية الدولية، مما يشير إلى أن المصرف الجديد سيحتاج إلى تأمين رأسمال أعلى بكثير من الحد الأدنى القانوني لضمان الاستقرار المالي والقدرة على استيعاب الصدمات في بيئة اقتصادية متقلبة.
فيما يتعلق بهيكل الملكية، يجب ألا تقل حصص المؤسسين في مجموعها عن 25% من رأس المال عند تقديم طلب الترخيص.16 كما يحدد القانون قيودًا على مساهمة الشخصيات الاعتبارية، حيث يجب ألا تتجاوز 60% من رأس المال، مع إمكانية زيادتها إلى 75% إذا كانت الزيادة مخصصة لمساهمة القطاع العام المصرفي والمالي.16 أما حصة الشخص الطبيعي، فيجب ألا تتجاوز 5% من رأس المال، وتشمل حصص الزوجة والأولاد.16
بالنسبة للمساهمة الأجنبية، يجب ألا تتجاوز نسبة تملك غير السوريين 49% من رأس المال. ومع ذلك، يجوز بقرار من مجلس الوزراء، بناءً على اقتراح مجلس النقد والتسليف، زيادة هذه النسبة لتصل إلى 60%، شريطة أن تكون الحصة الأكبر لشريك استراتيجي متمثل بمؤسسة مصرفية تتمتع بسمعة عالمية جيدة.16 هذا الشرط المتعلق بالشريك الاستراتيجي الدولي ذي الملاءة المالية والسمعة الجيدة 17 يُعد حاسمًا لجذب الخبرات ورأس المال اللازمين. ومع ذلك، فإن القيود على نسبة الملكية الأجنبية (49% أو 60% كحد أقصى) قد تشكل تحديًا في جذب كبرى المصارف الدولية التي غالبًا ما تسعى للحصول على حصة أغلبية أو سيطرة أكبر لتبرير استثماراتها في أسواق عالية المخاطر. يجب على المصرف الجديد أن يدرس بعناية كيفية تقديم حوافز كافية لهذا الشريك المحتمل ضمن هذه القيود.
تتضمن إجراءات الترخيص والتسجيل تقديم مجموعة من الوثائق، منها طلب الترخيص، دراسة جدوى اقتصادية مفصلة، ومشروع النظام الأساسي للمصرف.17 كما يتوجب تسديد نفقات دراسة الطلب البالغة 100 ألف ليرة سورية، ونفقات التسجيل البالغة 3 ملايين ليرة سورية.18 بعد صدور قرار الترخيص، يُطلب من المؤسسين إيداع 5% من رأسمال المصرف المدفوع في حساب مجمد لدى مصرف سورية المركزي، وتقديم كفالة مالية قدرها 10% من رأسمال الشركة لصالح المصرف المركزي.17 هذه المتطلبات المالية والإجرائية تهدف إلى ضمان جدية المشروع وملاءته، وتُعد بمثابة إشارة للجمهور والجهات الرقابية على قوة المصرف واستقراره المالي.
4.2. الامتثال لمعايير مكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب (AML/CFT)
يُعد الامتثال لمعايير مكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب (AML/CFT) جانبًا حيويًا وحساسًا للغاية لتأسيس وتشغيل أي مصرف في سورية، نظرًا للوضع الدولي للبلاد. يوجد في سورية قانون لمكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب رقم 20 لسنة 2021.19 هذا القانون يحدد تعريفات واضحة لجرائم غسل الأموال وتمويل الإرهاب، ويفرض إجراءات وقائية صارمة على المؤسسات المالية، بما في ذلك حظر الاحتفاظ بحسابات مجهولة أو بأسماء وهمية، وضرورة اتخاذ تدابير العناية الواجبة عند إقامة علاقات العمل أو تنفيذ المعاملات المالية.20 كما يلزم المصارف بتطبيق برامج مكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب على مستوى المجموعة وتبادل المعلومات.19
على الرغم من وجود هذا الإطار القانوني، فإن سورية مدرجة ضمن الدول الخاضعة للمراقبة المشددة من قبل مجموعة العمل المالي (FATF).21 هذا التصنيف، المعروف بـ “القائمة الرمادية”، يشير إلى وجود أوجه قصور استراتيجية في أنظمة مكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب في البلاد. هذا الوضع يضع المصارف العاملة في سورية تحت مجهر التدقيق الدولي، ويزيد من مخاطر “فك الارتباط” (de-risking) من قبل المصارف المراسلة الدولية، مما يعيق قدرتها على إجراء المعاملات الدولية.
بالنسبة للمصرف الجديد، فإن الامتثال الصارم لمعايير مكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب ليس مجرد التزام تنظيمي، بل هو ضرورة استراتيجية حتمية لبقائه ونجاحه المستقبلي. أي إخفاق في تطبيق أطر قوية ومعترف بها دوليًا سيمنع أي ارتباط ذي معنى بالنظام المالي العالمي، مما يحد بشدة من عملياته وقدرته على جذب رأس المال الأجنبي أو تسهيل التجارة الدولية. يجب على المصرف أن يستثمر بكثافة في التقنيات المتقدمة للامتثال، وتدريب الموظفين على أعلى المستويات، وبناء ثقافة داخلية صارمة للالتزام بالمعايير المحلية
والدولية. هذا الاستثمار، على الرغم من تكلفته العالية، يُعد عاملاً حاسمًا في بناء الثقة مع العملاء والجهات التنظيمية الدولية، ويُمهد الطريق لإعادة الاتصال بالنظام المالي الدولي، وهو هدف صريح لصندوق النقد الدولي في سورية.6
إن العمل في بيئة تخضع للمراقبة المشددة من قبل مجموعة العمل المالي يرفع من مخاطر السمعة والتشغيل. يجب على المصرف الجديد أن يدير سمعته بشكل استباقي، وأن يُظهر التزامًا لا يتزعزع بمكافحة الجرائم المالية. قد يشمل ذلك التقارير الشفافة، والتعاون الوثيق مع الجهات التنظيمية، وربما السعي للحصول على شهادات أو مراجعات خارجية لتعزيز الثقة. التكاليف المرتبطة بهذه الإجراءات الصارمة يجب أن تُدرج بوضوح ضمن التقديرات المالية للمشروع.
4.3. أنظمة الخدمات المصرفية الأساسية (Core Banking Systems) وأمن المعلومات
تُعد أنظمة الخدمات المصرفية الأساسية (Core Banking Systems) العمود الفقري الرقمي لأي مصرف حديث، حيث تدعم جميع العمليات اليومية الحيوية مثل إدارة الحسابات، القروض، الودائع، والمدفوعات في الوقت الفعلي.23 هذه الأنظمة ضرورية لتمكين الوصول إلى الخدمات المصرفية على مدار الساعة طوال أيام الأسبوع، وتوفير معالجة فورية للمعاملات، وتحسين الكفاءة التشغيلية، وخفض التكاليف، وتعزيز تجربة العملاء.23
تشمل الميزات الأساسية المطلوبة في نظام Core Banking الفعال: إدارة بيانات العملاء الشاملة (CIF)، إدارة الحسابات المتنوعة (التوفير، الجاري، القروض، الائتمان)، حساب الفوائد والرسوم بدقة.23 كما يجب أن يدعم النظام الامتثال للتقارير التنظيمية الدولية مثل Basel III وAML وFATCA وCRS.23 من الضروري أيضًا أن يتعامل النظام مع المعاملات في الوقت الفعلي ويدعم قنوات متعددة (الخدمات المصرفية عبر الإنترنت، تطبيقات الهاتف المحمول، الفروع).23 تتضمن الميزات الحديثة أيضًا التأهيل الرقمي للعملاء (KYC)، والمصادقة الثنائية (2FA)، والإشعارات الفورية، وإدارة القروض، والدردشة المباشرة، وأدوات إعداد التقارير.23 يجب أن يدعم النظام واجهات برمجة التطبيقات (APIs) لتمكين التكامل السلس مع التطبيقات الخارجية والخدمات المالية المبتكرة.23
تتوفر أنظمة Core Banking الحديثة كحلول محلية (On-premise) أو خدمات قائمة على السحابة (Cloud-based/SaaS).24 تُفضل الحلول السحابية بشكل عام لمرونتها وقابليتها للتوسع، وتوفر الأنظمة المعيارية (Modular) مرونة أكبر وتخصيصًا للمنتجات.25 نظرًا للأضرار الواسعة التي لحقت بالبنية التحتية المادية في سورية وأزمة السيولة النقدية 1, فإن تبني استراتيجية “الرقمنة أولاً” والاستثمار في نظام Core Banking حديث وقائم على السحابة (إذا كانت القيود التنظيمية المتعلقة بالسيادة على البيانات تسمح بذلك) ليس مجرد خيار لتعزيز الكفاءة، بل هو ضرورة حاسمة للوصول إلى شريحة أوسع من السكان وتجاوز قيود البنية التحتية التقليدية. هذا النهج يتيح أيضًا ابتكار المنتجات بسرعة وتقديم تجربة عملاء محسّنة، وهو ما يُعد عاملاً حيويًا لبناء الثقة في سوق متشكك.
يُعد أمن المعلومات أمرًا بالغ الأهمية لأي مصرف. يجب أن يضمن إطار عمل أمن المعلومات حماية سرية المعلومات، ومصداقيتها، وتوفرها.28 تشمل التدابير الأمنية الأساسية التشفير/الترميز، وتوثيق الدخول، وبرامج الحماية من الفيروسات، وبرامج كشف الدخول غير المصرح به.29 وتُستخدم بروتوكولات أمان متقدمة مثل OAuth2، والتحقق البيومتري (مثل بصمة الوجه أو الإصبع)، وتشفير البيانات، وحماية واجهة برمجة التطبيقات (API) لتعزيز الأمان.30 كما تُعد المصادقة متعددة العوامل (MFA) وكلمة المرور لمرة واحدة (OTP) ضرورية للمعاملات الهامة.31 يُوصى بتبني أطر عمل لأمن المعلومات مثل COBIT للحوكمة الشاملة لتكنولوجيا المعلومات أو ISO 27001 لأنظمة إدارة أمن المعلومات.28 في بيئة غير مستقرة مثل سورية، حيث قد تكون التهديدات السيبرانية أو اضطرابات البنية التحتية واردة، يجب أن يكون إطار عمل أمن المعلومات للمصرف الجديد قويًا بشكل استثنائي، ويتجاوز الممارسات القياسية. يتطلب ذلك ليس فقط تدابير تقنية متقدمة، بل أيضًا خططًا شاملة للتعافي من الكوارث واستمرارية الأعمال لضمان استمرارية الخدمات حتى في الظروف الصعبة.
4.4. البنية التحتية الداعمة (الاتصالات والكهرباء)
تُعد البنية التحتية للاتصالات والكهرباء من العوامل الحيوية لعمل أي مصرف حديث، خاصة مع التوجه نحو الخدمات الرقمية. في سورية، تُبذل جهود لتطوير هذا القطاع. هناك مبادرات لتحديث شبكات الاتصالات لتشمل تقنيات 5G وتحسين خدمات الاتصال والإنترنت في جميع أنحاء البلاد.33 ومن أبرز هذه المبادرات مشروع “SilkLink” الذي يهدف إلى بناء بنية تحتية متقدمة للألياف الضوئية بسعة 100 تيرابت في الثانية تمتد على مسافة 4500 كيلومتر وتشمل جميع المدن السورية، بهدف تحسين جودة الإنترنت وتعزيز موقع سورية كمركز إقليمي للاتصالات.34 كما أُطلق مشروع “برق نت” لإيصال شبكة الألياف الضوئية مباشرة إلى المنازل والمكاتب.35
ومع ذلك، تواجه هذه المبادرات تحديات كبيرة، بما في ذلك نقص الموارد المالية، والوضع الأمني، وضعف التنسيق.33 هذه العوامل تشير إلى أن موثوقية وتغطية البنية التحتية المتقدمة قد تكون غير متسقة في الوقت الراهن.
بالنسبة لقطاع الكهرباء، توجد محطات توليد رئيسية مثل محطة دير علي الحرارية جنوب دمشق بقدرة 1500 ميغاواط، ومحطة جندر الحرارية جنوب حمص بقدرة 1290 ميغاواط.36 هاتان المحطتان تساهمان في تأمين تغذية كهربائية مستقرة لدمشق وحمص والمناطق المحيطة بهما.36 كما توجد محطة الزارة بالقرب من حماة، والتي لا تزال تعمل بقدرة محدودة رغم تعرضها للدمار.37 ومع ذلك، فإن استمرارية عمل هذه المحطات بكامل طاقتها الإنتاجية مرهونة بتأمين إمدادات كافية ومستمرة من الوقود.36
إن هذه الظروف تعني أن استراتيجية المصرف الجديد، خاصة فيما يتعلق بالخدمات الرقمية، يجب أن تأخذ في الاعتبار احتمال حدوث انقطاعات في البنية التحتية. يتطلب ذلك بناء قدرات احتياطية وتصميم خدمات يمكن أن تعمل بفعالية حتى مع الاتصال المتقطع. على سبيل المثال، قد يحتاج المصرف إلى الاستثمار في مولدات كهرباء احتياطية، أو خيارات إنترنت بديلة (مثل الأقمار الصناعية)، وتصميم أنظمة مرنة تتحمل التقلبات. كما يُنصح باختيار مواقع لمراكز البيانات الرئيسية والعمليات الحيوية في المدن التي تتمتع ببنية تحتية أكثر استقرارًا نسبيًا، مثل دمشق وحمص، نظرًا لوجود محطات توليد رئيسية قريبة منهما.
5. الهيكل الإداري والوظائف الرئيسية للمصرف المقترح
5.1. الهيكل التنظيمي المقترح
يجب أن يُصمم الهيكل التنظيمي للمصرف المقترح ليعكس مبادئ الحوكمة المؤسسية السليمة، والشفافية، والكفاءة التشغيلية، وإدارة المخاطر الشاملة.38 يُقترح أن يتكون الهيكل من المستويات الإدارية التالية:
- مجلس الإدارة: يمثل أعلى سلطة في المصرف، ويتكون من رئيس ونائب للرئيس وسبعة أعضاء آخرين.41 يتولى مجلس الإدارة وضع الاستراتيجيات العامة، والإشراف على الأداء، وضمان الامتثال.
- مكتب المدير العام ومعاون المدير العام: يتولى المدير العام الإدارة التنفيذية اليومية للمصرف، بدعم من معاون المدير العام.41
- دائرة التدقيق الداخلي: تتبع مباشرة لمجلس الإدارة لضمان استقلاليتها، وتتولى مراجعة وتقييم كفاءة العمليات والضوابط الداخلية.41
- أمين السر العام: يتولى المهام الإدارية والتنسيقية للمجلس والإدارة العليا.41
الأقسام الرئيسية المقترحة:
- الإدارة العليا:
- مجلس الإدارة: المسؤول عن الحوكمة، تحديد التوجه الاستراتيجي، والإشراف العام.
- المدير العام ومعاونوه: المسؤولون عن الإدارة التنفيذية وتطبيق الاستراتيجيات.
- دائرة التدقيق الداخلي: مستقلة وتتبع مجلس الإدارة، لضمان الرقابة الداخلية.
- قسم الامتثال (Compliance): يُعد هذا القسم ذا أهمية قصوى في البيئة السورية، خاصة مع إدراج سورية ضمن الدول الخاضعة لمراقبة مجموعة العمل المالي (FATF).21 يجب أن يكون مسؤولاً عن ضمان التزام المصرف بجميع القوانين واللوائح المحلية والدولية، لا سيما تلك المتعلقة بمكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب (AML/CFT).19 يجب أن يتمتع هذا القسم باستقلالية كافية وأن يرفع تقاريره مباشرة إلى مجلس الإدارة أو لجنة متخصصة تابعة له لضمان فعاليته ومصداقيته.
- القسم القانوني: يقدم الاستشارات القانونية للمصرف ويدير القضايا المتعلقة بالدعاوى القضائية.41
- إدارة المخاطر: مسؤولة عن تحديد وقياس ومراقبة وتخفيف جميع أنواع المخاطر التي قد يتعرض لها المصرف (ائتمانية، تشغيلية، سيولة، سوق، امتثال).42 تُعد هذه الإدارة حيوية في بيئة اقتصادية متقلبة مثل سورية.
- العمليات المصرفية الأساسية:
- قسم العمليات المركزية: يدير العمليات الخلفية للبنك.44
- قسم الحسابات والودائع: مسؤول عن فتح وإدارة الحسابات الجارية والتوفير والودائع لأجل.45
- قسم الائتمان والقروض: يقوم بتقييم طلبات الائتمان ومنح القروض للأفراد والشركات، وإدارة محافظ القروض.44
- قسم الخزينة والاستثمار: يدير سيولة المصرف واستثماراته.44
- قسم المدفوعات والتحويلات: يشرف على نظم الدفع الإلكتروني والتقاص والتسوية.9
- الدعم والخدمات المساندة:
- قسم تكنولوجيا المعلومات وأمن المعلومات: مسؤول عن تطوير وصيانة أنظمة المصرف، بما في ذلك أنظمة Core Banking، وضمان أمن المعلومات وحماية البيانات.29
- قسم الموارد البشرية: يتولى التوظيف، التدريب، التطوير، وإدارة شؤون الموظفين.44
- القسم المالي: يدير الشؤون المالية والمحاسبية للمصرف، ويعد التقارير المالية.44
- قسم التسويق والعلاقات العامة: يروج لخدمات المصرف ويبني علاقاته مع الجمهور.45
- قسم خدمة العملاء: يقدم الدعم والمساعدة للعملاء عبر مختلف القنوات.38
- قسم الفروع: يشرف على إدارة وتنسيق عمل الفروع المنتشرة في المدن والمحافظات.41
إن أهمية قسمي الامتثال وإدارة المخاطر في هذا الهيكل لا يمكن المبالغة فيها. فمع إدراج سورية في القائمة الرمادية لمجموعة العمل المالي 21، وتأكيد المصرف المركزي على أن أزمة القطاع المصرفي تتعلق بالثقة 3، تصبح هذه الأقسام ليست مجرد وظائف داعمة، بل ركائز استراتيجية حاسمة. يجب أن تكون هذه الأقسام مجهزة بالموارد الكافية والكوادر المؤهلة، وأن تكون لها صلاحيات مستقلة في اتخاذ القرارات المتعلقة بالامتثال وإدارة المخاطر. هذا الهيكل يعزز الثقة لدى الجهات التنظيمية والشركاء المحتملين، ويسهم في بناء سمعة قوية للمصرف.
5.2. الوظائف والخدمات المصرفية الأساسية والمبتكرة
يجب أن يقدم المصرف الجديد مجموعة شاملة من الوظائف والخدمات المصرفية التي تلبي احتياجات السوق السوري، مع التركيز على الابتكار لمواجهة التحديات القائمة.
الوظائف والخدمات المصرفية التقليدية والحديثة:
- قبول الودائع: يشمل ذلك الودائع الجارية التي يمكن سحبها بالشيكات، وحسابات التوفير، والودائع لأجل التي تدر فائدة.46 تُعد الودائع المصدر الرئيسي لموارد البنك التجاري.46
- منح القروض والتسهيلات الائتمانية: للمشاريع الصناعية والزراعية والخدمية والتجارية، بالإضافة إلى القروض الشخصية.45 يتطلب ذلك تقييمًا دقيقًا للجدارة الائتمانية وإدارة المخاطر.47
- تسهيل المدفوعات والتحويلات: عبر القيود الدفترية، التحويلات الإلكترونية، وتقاص الشيكات الإلكتروني.9 يتولى المصرف المركزي الإشراف على نظم الدفع والتقاص والتسوية.9
- خدمات البطاقات المصرفية: إصدار بطاقات الائتمان والخصم المباشر والدفع المسبق لتسهيل المعاملات.45
- الخدمات المصرفية الرقمية: تشمل الخدمات المصرفية عبر الإنترنت وتطبيقات الهاتف المحمول التي تتيح للعملاء إدارة حساباتهم وإجراء المعاملات على مدار الساعة.23
- إدارة الأصول والممتلكات: تقديم خدمات استشارية للعملاء في إدارة أعمالهم وممتلكاتهم.49
- خدمات الشركات: تقديم حلول مصرفية متكاملة للشركات الصغيرة والمتوسطة والكبيرة، بما في ذلك إدارة المعاملات وخدمات الشركات الدولية.45
خدمات الشمول المالي كفرصة للنمو:
في سياق ارتفاع معدلات الفقر 1 وتدني الثقة في القطاع المصرفي 3، يمكن للمصرف الجديد أن يتبنى استراتيجية تركز على الشمول المالي لاستهداف الشرائح غير المخدومة من السكان. هذا النهج لا يتماشى فقط مع الأهداف التنموية، بل يفتح أيضًا أسواقًا جديدة ذات إمكانات نمو كبيرة. تشمل هذه الخدمات:
- الائتمان الأصغر: تقديم قروض صغيرة لأغراض إنتاجية، مثل تنمية المشاريع الصغرى والأسر المنتجة. هذه القروض يمكن أن تُمنح للأفراد أو الجماعات التضامنية.51
- التمويل الزراعي: تصميم شروط قروض تتناسب مع خصائص الزراعة في سورية، مع مراعاة الطبيعة الموسمية للأعمال وتوقيت المدخلات اللازمة، لدعم صغار المزارعين والمؤسسات الريفية.51
- خدمات المدخرات الميسرة: توفير أماكن آمنة وموثوقة لادخار الأموال، خاصة للفقراء الذين قد لا تتاح لهم خدمات الادخار الرسمية.51 يمكن للخدمات المالية الرقمية أن تُمكن المصرف من تقديم حسابات ادخار بأرصدة محدودة، مما يشجع على تحويل المدخرات غير الرسمية إلى قنوات مصرفية رسمية.51
- التأمين الأصغر: تقديم منتجات تأمين مصغرة لمساعدة الأفراد على إدارة أنواع مختلفة من المخاطر، مثل المخاطر الصحية والمنزلية وتلك المرتبطة بسبل العيش.51
- الخدمات المالية الرقمية المتقدمة: الاستفادة من الهواتف المحمولة وبطاقات الدفع لتسهيل الوصول إلى الخدمات المالية، مما يقلل من تكلفة المعاملات ويزيد من كفاءتها في بيئة تعاني من أزمة سيولة نقدية.1 هذا التوجه نحو الرقمنة يقلل الاعتماد على النقد المادي، ويساهم في تطبيع النشاط المالي.
إن التركيز على الشمول المالي والابتكار في الخدمات الرقمية يمثل استراتيجية مزدوجة الأبعاد. فمن ناحية، يمكنها أن تساهم بشكل مباشر في معالجة أزمة الثقة من خلال توفير خدمات موثوقة ومتاحة لشريحة واسعة من السكان، ومن ناحية أخرى، يمكنها أن تخفف من آثار أزمة السيولة النقدية من خلال تشجيع المعاملات غير النقدية. هذا النهج يمكن أن يكون عامل تمييز رئيسي للمصرف الجديد في السوق السوري.
5.3. إدارة المخاطر
تُعد إدارة المخاطر الفعالة حجر الزاوية لنجاح أي مصرف، وتكتسب أهمية مضاعفة في بيئة اقتصادية وسياسية غير مستقرة مثل سورية. يجب أن يطور المصرف الجديد إطارًا شاملاً لإدارة المخاطر يغطي الأنواع الرئيسية للمخاطر:
- مخاطر الائتمان: المخاطر المرتبطة بعدم قدرة المقترضين على سداد التزاماتهم.42
- مخاطر السيولة: المخاطر الناتجة عن عدم قدرة المصرف على الوفاء بالتزاماته قصيرة الأجل.42
- مخاطر التشغيل: المخاطر الناجمة عن فشل العمليات الداخلية، أو الأنظمة، أو الأفراد، أو الأحداث الخارجية.42
- مخاطر سعر الصرف (تقلبات العملة): المخاطر المرتبطة بحركة سعر الصرف التي قد تؤثر سلبًا على إيرادات المصرف أو حقوق المساهمين.54
- مخاطر الامتثال: المخاطر المتعلقة بعدم الالتزام بالقوانين واللوائح، لا سيما قوانين مكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب.43
استراتيجيات إدارة المخاطر المقترحة:
- إدارة مخاطر السيولة:
- إنشاء خطة تدفق نقدي دقيقة لمراقبة التدفقات النقدية الداخلة والخارجة.53
- مراقبة النسب المالية الحيوية مثل نسبة السيولة الحالية ونسبة السيولة السريعة.53
- إدارة المخزون بكفاءة (لعملاء البنك الذين يتلقون تمويلاً) لضمان عدم استنزاف السيولة.53
- خفض النفقات التشغيلية غير الضرورية وإعادة التفاوض على عقود الموردين.53
- النظر في خيارات التمويل الإضافي مثل القروض قصيرة الأجل أو بيع الأصول غير الأساسية في أوقات الضيق.53
- إدارة مخاطر تقلبات العملة:
- تحديد جميع المعاملات المقومة بعملات أجنبية لتقييم مدى التعرض للمخاطر.54
- إعطاء الأولوية للدفعات الفورية وتقصير شروط الدفع لتقليل فترة التعرض لتقلبات السوق.54
- يمكن للمصرف أن يطلب الدفع بالعملة المحلية لبعض الخدمات لتحويل عبء مخاطر الصرف على العملاء، أو رفع الأسعار لمراعاة التقلبات المحتملة.54
- الاستثمار في أصول مقاومة للتضخم أو التحوط ضد تقلبات العملة من خلال أدوات مالية مناسبة.57
- إدارة مخاطر الامتثال التنظيمي:
- وضع سياسات وإجراءات واضحة وشاملة وقابلة للتحديث المستمر لضمان الامتثال الفعال للقوانين واللوائح.56
- تنفيذ برامج تدريبية قوية ومستمرة لجميع الموظفين، مع تدريب متخصص للأفراد في الأدوار المحورية.56
- دمج الأتمتة في عمليات الامتثال، خاصة في مكافحة غسل الأموال، لتسهيل العمليات وجعلها أكثر كفاءة.56
- تحقيق تكامل وثيق بين إدارتي الامتثال والمخاطر لضمان استقرار العمليات.56
- تطبيق نهج قائم على المخاطر يتضمن تقييمات دورية للمخاطر ووضع ضوابط قوية لتقليل مخاطر الامتثال المحتملة.56
- تشجيع التعاون بين جميع الإدارات لتعزيز ثقافة الامتثال والإبلاغ عن أي مخاوف.56
- إدارة مخاطر الطرف الثالث:
- إجراء العناية الواجبة الشاملة لتقييم جدوى وقدرة واستقرار أي طرف ثالث يتعامل معه المصرف (مثل مزودي التكنولوجيا، المصارف المراسلة).43
- تحديد واضح للتوقعات والمسؤوليات في العقود، بما في ذلك حماية البيانات والامتثال وخطط استمرارية الأعمال.43
- المراقبة المستمرة لأداء الأطراف الثالثة وتقييم مخاطرها الناشئة.43
- وضع خطط طوارئ شاملة، بما في ذلك البائعين الاحتياطيين واستراتيجيات التعافي من الكوارث، لمعالجة الحوادث المحتملة.43
إن إدارة المخاطر في السوق السوري ليست مجرد وظيفة روتينية، بل هي أداة استراتيجية لبناء الثقة والمرونة. ففي ظل التقلبات الاقتصادية الشديدة وأزمة الثقة 1، فإن قدرة المصرف على الحفاظ على السيولة، واستقرار العمليات، وإدارة تقلبات العملة بشفافية، ستكون حاسمة في بناء والحفاظ على ثقة العملاء. هذا يتطلب إطارًا لإدارة المخاطر يتسم بالمرونة والقدرة على التكيف مع الظروف المتغيرة.
6. تحليل التكاليف والأرباح المتوقعة
6.1. التكاليف التأسيسية والتشغيلية الرئيسية
يتطلب تأسيس وتشغيل مصرف جديد في سورية استثمارات كبيرة، ويجب تقدير هذه التكاليف بدقة في ظل الظروف الاقتصادية الراهنة.
التكاليف التأسيسية:
- رأس المال المطلوب: الحد الأدنى لرأس المال القانوني هو 10 مليارات ليرة سورية.16 ومع ذلك، فإن هذا المبلغ يعادل حوالي 904,568 دولارًا أمريكيًا بسعر الصرف الرسمي (11,055 ليرة سورية للدولار).10 هذا المبلغ منخفض جدًا بالمعايير الدولية، وقد لا يكون كافيًا لضمان الاستقرار المالي في بيئة اقتصادية متقلبة. تشير بعض التقديرات العامة إلى أن إنشاء بنك إلكتروني قد يتطلب رأس مال لا يقل عن 10 ملايين دولار 58، مما يبرز الفارق الكبير والتحدي الحقيقي في تأمين رأسمال فعال يحمي من تآكل القيمة بسبب التضخم وتقلبات العملة. يجب على المصرف الجديد تأمين رأسمال أعلى بكثير من الحد الأدنى القانوني، ويفضل أن يكون جزء كبير منه بالعملات الأجنبية (إذا سمحت اللوائح) لحماية قيمته.
- رسوم التراخيص والتسجيل: تشمل نفقات دراسة الطلب (100 ألف ليرة سورية) ونفقات التسجيل (3 ملايين ليرة سورية).18 بالإضافة إلى ذلك، يتطلب الأمر تقديم كفالة مالية قدرها 10% من رأسمال الشركة لصالح المصرف المركزي.18
- الاستثمار في التكنولوجيا والبنية التحتية: يتطلب بدء مشروع بنك استثمارًا كبيرًا في التكنولوجيا لتقديم خدمات رقمية متطورة.59 يمكن أن تكون تكاليف أنظمة Core Banking Systems الحديثة باهظة.24 هذه التكاليف تشمل شراء أو ترخيص البرمجيات، وتطوير البنية التحتية الصلبة (خوادم، شبكات)، وتكاليف التنفيذ والتكامل. على سبيل المقارنة، تتراوح تكلفة البناء والتشطيبات لمولات تجارية كبيرة بين 50 مليونًا و84 مليون جنيه مصري 60، مما يعطي فكرة عن حجم الاستثمار المطلوب في البنية التحتية المادية للمقر الرئيسي والفروع.
التكاليف التشغيلية السنوية:
- الرواتب والأجور: يواجه المصرف تحديًا في إدارة تكاليف الرواتب. فبينما تتراوح رواتب الموظفين العامة في سورية بين 20 و100 دولار شهريًا 61، فإن المديرين العامين للمصارف الخاصة يحققون دخلًا شهريًا لا يقل عن 18 مليون ليرة سورية، بمتوسط 25 مليون ليرة، ويمكن أن يصل إلى 35 مليون ليرة للمديرين من حاملي الجنسية الأجنبية.63 هذا التباين الكبير في الرواتب يتطلب استراتيجية تعويض دقيقة لجذب الكفاءات والاحتفاظ بها، مع الحفاظ على هيكل تكلفة معقول في بيئة تضخمية.
- المصاريف الإدارية والعمومية: تشمل الإيجارات، فواتير الخدمات (كهرباء، اتصالات)، تكاليف التسويق والإعلان، الصيانة، وتكاليف الامتثال.50 هذه التكاليف تتأثر بشكل مباشر بالتضخم، مما يستدعي تدابير صارمة لخفض النفقات وزيادة الكفاءة التشغيلية.65
- تكاليف الامتثال: الاستثمار في تقنية المعلومات وتدريب الموظفين لتسهيل اندماج حلول الامتثال لمكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب يُعد تكلفة تشغيلية مستمرة وضرورية.66
جدول 2: تقدير التكاليف التأسيسية للمصرف الجديد (تقديرات أولية.
البند |
الوصف | التكلفة التقديرية (ليرة سورية) | التكلفة التقديرية (دولار أمريكي) | ملاحظات |
رأس المال القانوني |
الحد الأدنى المطلوب قانوناً | 10,000,000,000 | ~904,568 | يجب تأمين رأسمال فعلي أعلى بكثير |
رسوم دراسة الطلب |
رسوم غير مستردة للمصرف المركزي | 100,000 |
~9 |
|
رسوم التسجيل |
رسوم تسجيل المصرف | 3,000,000 |
~271 |
|
كفالة مالية |
10% من رأس المال المجمد لدى المصرف المركزي | 1,000,000,000 | ~90,457 | تُعاد عند تصفية الأعمال |
أنظمة Core Banking | شراء/ترخيص وتطبيق النظام الأساسي | تقدير 20,000,000,000 – 100,000,000,000 |
~1,809,130 – ~9,045,680 |
يعتمد على حجم وتعقيد النظام |
بنية تحتية مادية (مقر وفروع) | بناء وتجهيز المكاتب والفروع | تقدير 50,000,000,000 – 80,000,000,000 |
~4,522,840 – ~7,236,544 |
تقدير بناءً على مقارنات عامة |
إجمالي تقديري |
~81,000,000,000 – 191,000,000,000 |
~7,327,000 – ~17,286,000 |
هذه تقديرات أولية وتتطلب دراسة جدوى تفصيلية. |
جدول 3: تقدير التكاليف التشغيلية السنوية (تقديرات أولية)
البند |
الوصف |
التكلفة التقديرية السنوية (ليرة سورية) | التكلفة التقديرية السنوية (دولار أمريكي) |
ملاحظات |
رواتب وأجور الموظفين |
متوسط الرواتب (باستثناء الإدارة العليا) | تقدير 2,000,000,000 – 5,000,000,000 | ~180,913 – ~452,284 | تتأثر بالتضخم وعدد الموظفين |
رواتب الإدارة العليا |
رواتب المديرين التنفيذيين | تقدير 300,000,000 – 600,000,000 |
~27,137 – ~54,274 |
رواتب مرتفعة لجذب الكفاءات |
مصاريف إدارية وعمومية |
إيجارات، فواتير، صيانة، لوازم مكتبية | تقدير 1,000,000,000 – 3,000,000,000 | ~90,457 – ~271,370 |
تتأثر بالتضخم بشكل كبير |
تكاليف الامتثال |
برامج، تدريب، تحديثات AML/CFT | تقدير 500,000,000 – 1,500,000,000 | ~45,228 – ~135,685 |
ضرورية جداً في البيئة السورية |
تسويق وإعلان |
بناء العلامة التجارية وجذب العملاء | تقدير 500,000,000 – 1,000,000,000 | ~45,228 – ~90,457 | حاسم لبناء الثقة |
إجمالي تقديري | ~4,300,000,000 – 11,100,000,000 | ~388,963 – ~1,004,077 |
هذه تقديرات أولية وتتطلب دراسة جدوى تفصيلية. |
6.2. مصادر الإيرادات المتوقعة
تعتمد مصادر إيرادات المصرف الجديد على مزيج من الأنشطة المصرفية التقليدية والمبتكرة، مع الأخذ في الاعتبار خصوصية السوق السوري.
مصادر الإيرادات التقليدية:
- الفوائد الدائنة على التسهيلات الائتمانية: وهي الإيرادات الناتجة عن القروض والتسهيلات الائتمانية الممنوحة للعملاء.50 مع سعر فائدة سوقي على القروض يبلغ 18.6% 10، يمكن أن تكون هذه مصدرًا مهمًا للدخل، ولكنها تحمل مخاطر ائتمانية عالية في بيئة اقتصادية صعبة.
- العمولات الدائنة: الرسوم والعمولات التي يتقاضاها المصرف مقابل الخدمات المختلفة، مثل تحويل الأموال، إصدار خطابات الضمان، وخدمات البطاقات.50
- عوائد العملة الأجنبية: الأرباح المحققة من فروقات أسعار بيع وشراء العملات الأجنبية.50 في سوق يتميز بتقلبات كبيرة في سعر الصرف، يمكن أن يكون هذا مصدرًا مهمًا للإيرادات، ولكنه ينطوي على مخاطر عالية تتطلب إدارة دقيقة.
- أرباح رأسمالية وعوائد الاستثمار: الأرباح الناتجة عن استثمارات المصرف في الأوراق المالية أو غيرها من الأصول.50
مصادر الإيرادات المبتكرة في بيئة صعبة:
نظرًا للتحديات الاقتصادية وأزمة السيولة، يجب على المصرف الجديد التركيز على تنويع مصادر إيراداته، مع إيلاء اهتمام خاص للخدمات التي لا تعتمد بشكل كبير على الفوائد، والتي يمكن أن تكون أكثر استقرارًا في بيئة تضخمية.67
- خدمات الدفع الإلكتروني والتحويلات الرقمية: مع توجه المصرف المركزي نحو الرقمنة 9، يمكن للمصرف الجديد تحقيق إيرادات كبيرة من رسوم المعاملات الرقمية، مثل تحويل الأموال عبر تطبيقات الهاتف المحمول، ودفع الفواتير إلكترونيًا. هذه الخدمات تقلل الاعتماد على النقد المادي وتلبي حاجة ملحة في ظل أزمة السيولة.1
- خدمات الشمول المالي: تقديم خدمات مثل القروض الصغيرة والتمويل الزراعي والتأمين الأصغر يمكن أن يفتح أسواقًا جديدة ويولد إيرادات من رسوم الخدمات والفوائد على القروض الصغيرة، مع المساهمة في التنمية الاقتصادية.51
- خدمات دراسات الجدوى والاستشارات المالية: يمكن للمصرف تقديم هذه الخدمات للشركات والأفراد، مما يولد إيرادات إضافية.50
- التركيز على نمو قاعدة العملاء: في بيئة تضخمية، يمكن للمصرف أن يتغلب على عاصفة التضخم من خلال التركيز على توسيع قاعدة عملائه وزيادة حجم الإيرادات الإجمالية.65
إن التحول نحو الإيرادات غير القائمة على الفائدة، خاصة من خدمات الدفع الرقمي والشمول المالي، يُعد استراتيجية حكيمة للمصرف الجديد. ففي بيئة تتسم بالتضخم المرتفع وتحديات السيولة، يمكن أن توفر هذه الإيرادات تدفقًا نقديًا أكثر استقرارًا وأقل عرضة لتقلبات أسعار الفائدة ومخاطر الائتمان. هذا النهج يتماشى أيضًا مع توجهات المصرف المركزي نحو الرقمنة، ويقدم حلولًا عملية للمواطنين في ظل القيود على النقد المادي.
6.3. تقدير الربحية والتحديات المحتملة
يُعد تقدير الربحية في السوق السوري تحديًا كبيرًا نظرًا للوضع الاقتصادي المعقد. فقد سجلت بعض المصارف الخاصة السورية خسائر صافية في الماضي، حيث بلغت الخسائر الصافية لـ 14 مصرفًا نحو 35.8 مليار ليرة سورية (حوالي 82.16 مليون دولار أمريكي) في عام 2017.68 وتشير الدراسات إلى وجود علاقة بين ربحية المصارف وحجم حقوق الملكية، ونسبة المديونية، والسيولة النقدية.69
تأثير التضخم على الربحية:
يُشكل التضخم المرتفع تحديًا رئيسيًا للربحية، حيث يقلل من القوة الشرائية للعملة ويقلل العوائد الحقيقية على الاستثمارات.57 في محاولة لمكافحة التضخم، قد يرفع المصرف المركزي سعر الفائدة 65، مما قد يزيد من تكلفة الاقتراض للمصرف ويؤثر على قدرته على منح القروض، وبالتالي على إيراداته من الفوائد.
استراتيجيات التعامل مع التضخم لتعزيز الربحية:
لتحقيق ربحية مستدامة في هذه البيئة، يجب على المصرف الجديد تبني استراتيجيات متعددة:
- الاستثمار في أصول مقاومة للتضخم: يمكن للمصرف النظر في الاستثمار في أصول تحافظ على قيمتها أو تزداد خلال فترات التضخم، مثل السندات المرتبطة بالتضخم.57
- التركيز على الشركات التي يمكنها رفع الأسعار: عند منح القروض للشركات، يمكن للمصرف تفضيل تلك التي لديها القدرة على تعديل أسعار منتجاتها وخدماتها لمواجهة التضخم، مما يقلل من مخاطر التخلف عن السداد.57
- التركيز على نمو قاعدة العملاء والإيرادات: بدلاً من التركيز فقط على الهوامش الربحية الضيقة، يمكن للمصرف أن يهدف إلى زيادة حجم المعاملات وقاعدة العملاء لتعويض تأثير التضخم على القيمة الحقيقية للإيرادات.65
- إدارة التكاليف بصرامة: يجب على المصرف تحديد المجالات التي يمكن فيها خفض النفقات التشغيلية 65، والبحث عن مزودين بديلين، وإعادة التفاوض على العقود لتقليل المصاريف العامة.
- تنويع مصادر الإيرادات: كما ذكر سابقًا، فإن التركيز على الإيرادات غير القائمة على الفائدة، مثل رسوم الخدمات الرقمية والعمولات، يمكن أن يوفر تدفقات نقدية أكثر استقرارًا في بيئة تضخمية.
إن تحقيق الربحية المستدامة للمصرف الجديد في سورية سيكون أمرًا صعبًا ويتطلب نموذج عمل مرنًا ومتنوعًا. لا يمكن للمصرف الاعتماد فقط على النماذج المصرفية التقليدية. يجب أن تركز التوقعات المالية على خدمات تولد إيرادات غير قائمة على الفائدة، وتطبيق تدابير صارمة للتحكم في التكاليف، واستخدام استراتيجيات تحوط فعالة ضد التضخم وتقلبات العملة. يجب أن تكون التوقعات متحفظة وتأخذ في الاعتبار الرياح الاقتصادية المعاكسة الشديدة.
7. أفضل المواقع للمصرف الجديد
يُعد اختيار المواقع الاستراتيجية للمقر الرئيسي والفروع أمرًا حاسمًا لنجاح المصرف الجديد في سورية، مع الأخذ في الاعتبار الكثافة السكانية، والنشاط الاقتصادي، وحالة البنية التحتية في كل مدينة.
7.1. تحليل المدن السورية الرئيسية
المدينة |
الكثافة السكانية (تقدير) 70 |
النشاط الاقتصادي الرئيسي 14 | حالة البنية التحتية (كهرباء، اتصالات) 33 | ملاحظات استراتيجية (فرص، تحديات) |
دمشق |
3,175,000 نسمة |
العاصمة، خدمات استيراد وتصدير، سياحة، صناعات (سجاد، ألمنيوم، إسفلت)، مركز للمصارف والتأمين. |
محطة دير علي الحرارية (1500 ميغاواط) توفر تغذية مستقرة نسبياً. جزء من مشروع “SilkLink” للألياف الضوئية. |
المقر الرئيسي المثالي. مركز سياسي واقتصادي. بنية تحتية أفضل نسبياً. تحديات في القدرة الشرائية والبطالة. |
حلب |
3,393,000 نسمة (الأعلى) |
كانت قلب الاقتصاد السوري، مركز صناعي وتجاري (نسيج، غذائية، هندسية)، زراعة (قمح، قطن، زيتون). |
دمار كبير في البنية التحتية الصناعية. جهود لإعادة الإعمار. |
أكبر قاعدة سكانية. إمكانات كبيرة لإعادة إعمار الصناعة والزراعة. فرصة للتوسع المستقبلي. |
حمص | 1,113,114 نسمة | مدينة مركزية، صناعة (غزل ونسيج، مواد بناء، زجاج، سجاد)، زراعة (خضروات، تفاح، حبوب)، صناعات غذائية تقليدية. | محطة جندر الحرارية (1290 ميغاواط) تعمل بشكل جيد. |
موقع مركزي. فرص في إعادة الإعمار وتطوير الصناعات. |
اللاذقية |
660,000 نسمة |
ميناء رئيسي، تعتمد على الزراعة والصناعات المرتبطة بها، قطاع سياحي، نقل وصيد بحري، صناعة إسمنت وتبغ ومعلبات. |
تعطل قطاع الخدمات، انخفاض الاستثمار. |
ميناء حيوي للتجارة الخارجية (إذا خففت العقوبات). إمكانات سياحية وزراعية. |
تحليل المدن:
- دمشق: بصفتها العاصمة وأكبر مدينة من حيث النشاط الاقتصادي والمالي، تُعد دمشق الخيار الأمثل للمقر الرئيسي للمصرف.70 تضم المدينة المصرف المركزي والعديد من البنوك القائمة 14، مما يوفر بيئة تنظيمية ومالية متكاملة. كما أن وجود محطة دير علي الحرارية يضمن تغذية كهربائية مستقرة نسبيًا 36، والمبادرات لتطوير شبكة الألياف الضوئية (SilkLink) تعزز البنية التحتية للاتصالات.34 ومع ذلك، يجب الأخذ في الاعتبار تحديات مثل تراجع القدرة الشرائية وارتفاع البطالة.72
- حلب: تُعد حلب ثاني أكبر مدينة في سورية وأكبر مدينة من حيث عدد السكان.70 كانت تاريخيًا قلب الاقتصاد السوري ومركزًا صناعيًا وتجاريًا رئيسيًا.74 على الرغم من الدمار الكبير الذي لحق ببنيتها التحتية الصناعية 74، إلا أن هناك جهودًا لإعادة الإعمار وفرصًا لإنشاء مناطق صناعية جديدة.74 هذا يجعل حلب موقعًا استراتيجيًا للفروع الأولية للمصرف، مع التركيز على دعم إعادة إعمار الصناعات والزراعة.
- حمص: تحتل حمص موقعًا مركزيًا في سورية 82، وتتميز بوجود صناعات متنوعة مثل الغزل والنسيج ومواد البناء.76 وجود محطة جندر الحرارية التي تعمل بشكل جيد 36 يوفر استقرارًا في إمدادات الطاقة. تُقدم حمص فرصًا في إعادة إعمار المدن المدمرة وجذب الاستثمارات، مما يجعلها موقعًا واعدًا لفرع رئيسي للمصرف.76
- اللاذقية: بصفتها ميناءً رئيسيًا على البحر الأبيض المتوسط 82، تُعد اللاذقية بوابة حيوية للتجارة الخارجية. يعتمد اقتصادها بشكل كبير على الزراعة والصناعات المرتبطة بها، بالإضافة إلى القطاع السياحي.78 على الرغم من التحديات التي واجهت قطاع الخدمات وانخفاض الاستثمار 79، فإن اللاذقية لديها إمكانات كبيرة لتصبح مركزًا اقتصاديًا وسياحيًا رائدًا 78، مما يجعلها موقعًا استراتيجيًا لفرع يدعم التجارة والقطاعات الزراعية والسياحية، خاصة إذا ما خففت العقوبات الدولية في المستقبل.
7.2. توصيات للمواقع الاستراتيجية
بناءً على التحليل أعلاه، يُوصى بالآتي:
- المقر الرئيسي: يجب أن يكون المقر الرئيسي للمصرف في دمشق. هذا الاختيار مدعوم بكونها العاصمة والمركز السياسي والاقتصادي للبلاد، وتوفر بنية تحتية نسبياً أفضل للاتصالات والكهرباء.34 كما أنها تضم المصرف المركزي والعديد من البنوك القائمة 14، مما يسهل التنسيق مع الجهات التنظيمية والمالية الأخرى.
- الفروع الأولية: يُنصح بالتوسع التدريجي في المدن ذات الكثافة السكانية العالية والنشاط الاقتصادي الكبير، والتي تُظهر إمكانات للتعافي وإعادة الإعمار. تشمل هذه المدن:
- حلب: لكونها أكبر مدينة من حيث السكان ومركزًا تجاريًا وصناعيًا تاريخيًا. يمكن لفرع في حلب أن يدعم جهود إعادة إعمار الصناعات والزراعة.70
- حمص: لموقعها المركزي ودورها المحتمل في إعادة الإعمار، ووجود صناعات متنوعة.76
- اللاذقية: كمدينة مينائية حيوية، لدعم التجارة الخارجية (إذا سمحت العقوبات) والقطاعات الزراعية والسياحية.78
- اعتبارات إضافية للمواقع:
- يجب أن تُجرى دراسات جدوى تفصيلية لكل موقع مقترح لتقييم الاحتياجات المحلية، والقدرة التنافسية، ومدى توفر الكوادر البشرية.
- يجب إعطاء الأولوية للمواقع التي تتمتع ببنية تحتية مستقرة نسبيًا للاتصالات والكهرباء لضمان استمرارية الخدمات الرقمية، خاصة مع التوجه نحو نموذج مصرفي رقمي.
- يمكن النظر في التوسع المستقبلي إلى مدن أخرى بناءً على تطورات الوضع الأمني والاقتصادي.
- التحديات والفرص الاستراتيجية
تأسيس مصرف جديد في سورية يتطلب فهمًا عميقًا للمشهد المعقد الذي يجمع بين تحديات كبيرة وفرص نمو محتملة.
8.1. التحديات الرئيسية
- الوضع الاقتصادي الكلي المتردي: يعاني الاقتصاد السوري من انكماش حاد في الناتج المحلي الإجمالي، وارتفاع غير مسبوق في معدلات الفقر، وأزمة سيولة نقدية مزمنة.1 هذا يحد من القوة الشرائية للعملاء ويقلل من حجم المعاملات الاقتصادية الرسمية.
- العقوبات الدولية: تُعد العقوبات الغربية، لا سيما الأمريكية، العائق الأكبر أمام القطاع المصرفي.4 فهي تقيد الوصول إلى الخدمات المصرفية الدولية، وتجمد الأصول الخارجية، وتعيق أنشطة التجارة والاستثمار، وتمنع التحويلات المالية عبر البنوك السورية.1 هذا يؤدي إلى عزلة النظام المالي ويحد من قدرة المصرف على العمل دوليًا.
- أزمة الثقة في القطاع المصرفي: سنوات الصراع والفساد المستشري في بعض جوانب القطاع 5 أدت إلى فقدان كبير لثقة الجمهور في المصارف.3 هذا النقص في الثقة يؤثر سلبًا على جذب الودائع ويشجع على التعاملات خارج القنوات الرسمية.
- ضعف البنية التحتية: على الرغم من المبادرات الحكومية لتحسين الاتصالات والكهرباء 33، إلا أن الموثوقية والاستقرار لا يزالان يمثلان تحديًا، خاصة فيما يتعلق بإمدادات الطاقة المستمرة.36 هذا يؤثر على قدرة المصرف على تقديم خدمات رقمية مستقرة.
- التضخم وتقلبات العملة: يشهد الاقتصاد السوري تضخمًا مرتفعًا وتقلبات حادة في سعر صرف الليرة السورية.10 هذا يؤثر على القوة الشرائية للعملاء، ويزيد من تكاليف التشغيل للمصرف، ويقلل من القيمة الحقيقية للأرباح.
- الفساد الإداري والمالي: وجود الفساد في القطاع المصرفي، خاصة في ملف القروض الكبرى 5، يشكل تحديًا أخلاقيًا وتشغيليًا يتطلب آليات رقابة وحوكمة صارمة.
- نقص الكوادر المؤهلة: هناك حاجة لتدريب وتأهيل الموارد البشرية للنهوض بالدفع الإلكتروني والتقنيات المالية الحديثة.9
8.2. فرص النمو
- الحاجة الماسة للخدمات المصرفية: في سياق إعادة الإعمار والتعافي الاقتصادي، هناك طلب كامن على الخدمات المالية لدعم الأفراد والشركات في إعادة بناء حياتهم وأعمالهم.4
- التحول الرقمي والتقنيات المالية (FinTech): يمثل التوجه نحو الخدمات المصرفية الرقمية فرصة كبيرة لتقديم خدمات حديثة تتجاوز قيود البنية التحتية التقليدية وتلبي احتياجات العملاء المتطورة.9
- الشمول المالي: استهداف الشرائح غير المخدومة من السكان، مثل الفقراء، والمزارعين، وأصحاب المشاريع الصغيرة، يمكن أن يخلق قاعدة عملاء واسعة ويساهم في تعزيز الثقة بالقطاع المصرفي.51
- دور محتمل في إعادة الإعمار: يمكن للمصرف أن يلعب دورًا رئيسيًا في تمويل مشاريع البنية التحتية والصناعية التي ستكون ضرورية لإعادة بناء البلاد.50
- تعزيز العلاقات مع المصارف الإقليمية والدولية: على الرغم من العقوبات، فإن أي مبادرة لتعزيز العلاقات المصرفية الدولية يمكن أن تفتح آفاقًا جديدة للنمويل والتجارة.66
- تخفيف العقوبات: أي تخفيف مستقبلي للعقوبات سيفتح آفاقًا واسعة للاستثمار والتجارة، مما يعزز بشكل كبير فرص نمو المصرف.1
8.3. استراتيجيات التخفيف من المخاطر
- بناء الثقة: تحقيق الشفافية الكاملة، وتطبيق مبادئ الحوكمة الرشيدة، وتقديم خدمات موثوقة ومستقرة تلبي احتياجات المواطنين الأساسية.3
- الامتثال الصارم: الالتزام التام بقوانين مكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب والمعايير الدولية ذات الصلة. يتطلب ذلك استثمارًا كبيرًا في أنظمة الامتثال والتدريب.20
- الابتكار في الخدمات: تقديم منتجات وخدمات مصرفية مبتكرة، لا سيما الرقمية، التي تتجاوز التحديات الحالية وتلبي احتياجات السوق المتغيرة.66
- إدارة قوية للمخاطر: وضع إطار شامل لإدارة المخاطر يتسم بالمرونة والقدرة على التكيف مع البيئة السورية المعقدة. يشمل ذلك سياسات واضحة، برامج تدريبية، دمج الأتمتة، ونهج قائم على المخاطر.43
- الاستثمار في التكنولوجيا: استخدام التكنولوجيا لتعزيز الكفاءة التشغيلية، وتحسين الأمان، وتسهيل عمليات الامتثال.56
- التخطيط للطوارئ: وضع خطط مفصلة لمواجهة اضطرابات البنية التحتية (كهرباء، اتصالات) والظروف الأمنية غير المتوقعة لضمان استمرارية الأعمال.43
جدول 5: ملخص التحديات والفرص في القطاع المصرفي السوري
الفئة |
الوصف |
التأثير على المصرف الجديد | استراتيجية مقترحة |
التحديات |
|||
الوضع الاقتصادي المتردي |
انكماش الناتج المحلي، ارتفاع الفقر، أزمة سيولة. | سوق محدود، قوة شرائية منخفضة، مخاطر ائتمانية عالية. | التركيز على الشمول المالي والخدمات الأساسية، إدارة صارمة للمخاطر. |
العقوبات الدولية | تقييد الوصول للخدمات المصرفية الدولية، إعاقة التجارة. | صعوبة في المعاملات الدولية، تحديات في جذب الاستثمار الأجنبي. |
الامتثال الصارم، التركيز على السوق المحلي والفرص المتاحة ضمن القيود. |
أزمة الثقة |
فقدان ثقة الجمهور بالقطاع المصرفي. | صعوبة في جذب الودائع والعملاء. | بناء الثقة عبر الشفافية، الحوكمة الرشيدة، الخدمات الموثوقة، والابتكار الرقمي. |
ضعف البنية التحتية | عدم استقرار الكهرباء والاتصالات. | تحديات في تقديم الخدمات الرقمية المستقرة. | الاستثمار في حلول احتياطية، تصميم خدمات مرنة، اختيار مواقع استراتيجية. |
التضخم وتقلبات العملة | تآكل القوة الشرائية، ارتفاع تكاليف التشغيل. | تراجع القيمة الحقيقية للأرباح، صعوبة في التخطيط المالي. |
تأمين رأسمال أعلى، تنويع مصادر الإيرادات (غير الفائدة)، إدارة صارمة للتكاليف، استراتيجيات تحوط. |
الفرص |
|||
الحاجة للخدمات المصرفية |
طلب كامن لدعم التعافي وإعادة الإعمار. | إمكانية بناء قاعدة عملاء كبيرة في قطاع متعطش للخدمات. | تقديم خدمات متنوعة تلبي الاحتياجات الأساسية للمواطنين والشركات. |
التحول الرقمي | توجه المصرف المركزي نحو الرقمنة. | فرصة للتميز بتقديم خدمات مصرفية رقمية متطورة. |
تبني استراتيجية “الرقمنة أولاً” والاستثمار في Core Banking Systems حديثة. |
الشمول المالي |
شريحة واسعة من السكان غير المخدومة. | إمكانية الوصول إلى سوق كبير وغير مستغل. | تصميم منتجات وخدمات ميسرة ومتاحة للشرائح ذات الدخل المحدود. |
دور في إعادة الإعمار | تمويل مشاريع البنية التحتية والصناعية. | فرصة للمساهمة في الاقتصاد الوطني وتحقيق أرباح من المشاريع الكبرى. |
تطوير قدرات تمويل المشاريع وتحديد القطاعات ذات الأولوية لإعادة الإعمار. |
9. الخلاصة والتوصيات.
9.1. الخلاصة
يُظهر تحليل الجدوى لتأسيس مصرف جديد في سورية أن المشروع يقع في بيئة اقتصادية معقدة ومحفوفة بمخاطر عالية، لكنها تحمل في طياتها فرصًا استثمارية كبيرة على المدى الطويل. يشهد الاقتصاد السوري تحديات هيكلية عميقة، بما في ذلك انكماش الناتج المحلي الإجمالي، وارتفاع معدلات الفقر، وأزمة سيولة نقدية، بالإضافة إلى القيود الصارمة التي تفرضها العقوبات الدولية. هذه العوامل تؤثر بشكل مباشر على حجم السوق، وقدرة المصرف على الوصول إلى التمويل الدولي، وثقة الجمهور في النظام المصرفي.
ومع ذلك، فإن هناك حاجة ماسة لإعادة تنشيط القطاع المالي لدعم جهود التعافي وإعادة الإعمار. يظهر المصرف المركزي السوري توجهًا نحو الرقمنة وتطوير البنية التحتية للاتصالات، مما يخلق بيئة مواتية للابتكار في الخدمات المصرفية الرقمية. كما أن أزمة الثقة في القطاع المصرفي الحالي، إلى جانب ضعف بعض المصارف الإقليمية، قد تفتح الباب لمصرف جديد يتمتع بالشفافية والحوكمة الرشيدة لبناء قاعدة عملاء قوية.
يعتمد نجاح المصرف المقترح بشكل حاسم على قدرته على بناء الثقة مع الجمهور، والالتزام الصارم بالمعايير الدولية لمكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب، وتبني استراتيجية رقمية شاملة. كما يجب أن يمتلك المصرف رأسمالًا كافيًا يتجاوز الحد الأدنى القانوني لضمان الاستقرار المالي، وأن يركز على خدمات الشمول المالي لاستهداف الشرائح غير المخدومة.
9.2. التوصيات الاستراتيجية المفصلة
بناءً على التحليل الشامل، تُقدم التوصيات الاستراتيجية التالية للمصرف المقترح لزيادة فرص نجاحه في السوق السوري:
- التركيز على بناء الثقة كأولوية قصوى: يجب أن تكون الشفافية المطلقة، والحوكمة الرشيدة، والخدمة الموثوقة والمستقرة، هي جوهر استراتيجية المصرف. يتطلب ذلك التواصل الواضح مع العملاء، وضمان سهولة الوصول إلى الأموال، ومعالجة أي شكاوى بفعالية. هذا النهج سيساعد على استعادة ثقة الجمهور في القطاع المصرفي، والتي تُعد أساسية لجذب الودائع وتحويل المدخرات غير الرسمية إلى قنوات مصرفية رسمية.
- الاستثمار المكثف في التكنولوجيا الرقمية: ينبغي على المصرف تبني نموذج “الرقمنة أولاً” من خلال الاستثمار في نظام Core Banking Systems حديث (يفضل أن يكون قائمًا على السحابة إن أمكن ذلك ضمن القيود التنظيمية، وأن يكون مدعومًا بواجهات برمجة التطبيقات API). هذا سيمكن المصرف من تقديم خدمات مصرفية رقمية شاملة مثل تطبيقات الهاتف المحمول، والدفع الإلكتروني، والتحويلات الرقمية. هذا النهج لا يعوض ضعف البنية التحتية المادية فحسب، بل يتجاوز أيضًا أزمة السيولة النقدية من خلال تشجيع المعاملات غير النقدية، ويوفر تجربة عملاء سلسة وفعالة.
- الالتزام الصارم بمعايير مكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب (AML/CFT): يجب إنشاء قسم امتثال قوي ومستقل يرفع تقاريره مباشرة إلى مجلس الإدارة أو لجنة متخصصة. يجب تطبيق سياسات وإجراءات صارمة تتوافق مع المعايير الدولية، والاستثمار في التقنيات المتقدمة للامتثال وتدريب الموظفين. هذا الالتزام ليس مجرد مطلب تنظيمي، بل هو شرط أساسي لإعادة الارتباط بالنظام المالي العالمي، وجذب المصارف المراسلة، وتجنب مخاطر السمعة والتشغيل.
- استهداف الشمول المالي: ينبغي على المصرف تصميم وتقديم منتجات وخدمات مصممة خصيصًا للشرائح غير المخدومة من السكان، مثل القروض الصغيرة للمشاريع المتناهية الصغر، والتمويل الزراعي الميسر، وحسابات الادخار ذات المتطلبات المنخفضة. هذه الاستراتيجية لا تساهم في التنمية الاقتصادية والاجتماعية فحسب، بل تفتح أيضًا سوقًا واسعًا وغير مستغل من العملاء المحتملين، مما يعزز قاعدة العملاء للمصرف.
- تأمين رأس مال كافٍ يتجاوز الحد الأدنى القانوني: لضمان الاستقرار المالي والقدرة على مواجهة الصدمات الاقتصادية وتقلبات العملة، يجب على المصرف تأمين رأسمال أعلى بكثير من الحد الأدنى القانوني البالغ 10 مليارات ليرة سورية. يُفضل أن يكون جزء كبير من هذا الرأسمال بالعملات الأجنبية (إذا كانت اللوائح تسمح بذلك) لحماية قيمته من التضخم وتدهور سعر الصرف. كما يجب دراسة سبل حماية رأس المال من تقلبات العملة بشكل مستمر.
- اختيار المواقع الاستراتيجية بعناية: يُوصى بالبدء بمقر رئيسي في دمشق نظرًا لكونها العاصمة والمركز المالي. ثم التوسع التدريجي في المدن ذات الكثافة السكانية والنشاط الاقتصادي الكبير مثل حلب وحمص واللاذقية. يجب أن يأخذ اختيار مواقع الفروع في الاعتبار توفر البنية التحتية للاتصالات والكهرباء لضمان استمرارية الخدمات الرقمية، بالإضافة إلى القرب من المراكز الاقتصادية الحيوية.
- تطوير الكوادر البشرية: يجب الاستثمار بشكل كبير في برامج تدريب وتأهيل الموظفين على أحدث التقنيات المصرفية، وممارسات الامتثال، وإدارة المخاطر. جذب الكفاءات والاحتفاظ بها، خاصة في الأدوار التقنية والإدارية العليا، سيكون حاسمًا، ويتطلب استراتيجية تعويضات تنافسية.
- إدارة المخاطر بفعالية ومرونة: يجب تطوير إطار شامل لإدارة المخاطر (الائتمان، السيولة، التشغيل، سعر الصرف، الامتثال) يتسم بالمرونة والقدرة على التكيف مع البيئة السورية المعقدة. هذا يتضمن تقييمًا مستمرًا للمخاطر، وتطبيق ضوابط قوية، وخطط طوارئ شاملة لضمان استمرارية الأعمال في مواجهة أي اضطرابات.
إن تأسيس مصرف جديد في سورية في هذه المرحلة يتطلب رؤية استراتيجية واضحة، التزامًا لا يتزعزع بالمعايير الدولية، وقدرة عالية على التكيف مع التحديات الفريدة للسوق. من خلال تبني هذه التوصيات، يمكن للمصرف المقترح أن يصبح لاعبًا رئيسيًا في إعادة بناء القطاع المالي السوري والمساهمة في التعافي الاقتصادي للبلاد.
هل تعبئة المياه في سوريا فرصة استثمارية واعدة؟