في عصرٍ متسارع يمتاز بالتغيّر الدائم، يغدو الحفاظ على تفوق مؤسستك في سوق تنافسي، أمراً صعباً يتطلب جهداً مستمراً وتحسينًا مستدامًا، وفهماً عميقًا لديناميكيات السوق، واعتماد لاستراتيجيات مدروسة تضمن تحقيق الأهداف، وفي هذا السياق يسعى رواد الأعمال للقيام بخطوات فعالة لتعزيز قدرة مؤسساتهم على التنافس والحضور بشكل فعال، لأن هذا الأمر يمثل استراتيجية حيوية تعزز الاستدامة والنمو. في هذا المقال سنناقش خمس خطوات عملية وفعّالة يمكن اتخاذها لتعزيز تنافسية المؤسسات، سواء كانت ناشئة تسعى لتثبيت مكانتها في السوق، أو مؤسسة متمرسة تتطلع للبقاء دوماً في المقدمة، وللتغريد خارج سرب المتنافسين.
تحليل السوق والمنافسين
ترتكز هذه الخطوة المهمة وبشكل أساسي على تحليل السوق بشكل دوري، إضافة لمراقبة حركة المنافسين، لنتمكن بناءً على ذلك من تحديد نقاط القوة والضعف، ومن فهم متطلبات العملاء، ولنشرح هذه النقطة بشيء من التفصيل المبسّط:
● تحليل السوق
- حجم العرض والطلب: تساعد معرفة حجم العرض والطلب في السوق في تحديد فرص النمو الممكنة، كما تسهل عملية التنبؤ في التغيرات التي قد تطرأ على الطلب لدى العملاء.
- اتجاهات السوق: تسهم معرفة توجهات المستهلكين وتفضلاتهم في إيجاد حلول لتكييف المنتجات تبعاً لتلك التغييرات في أذواقهم، بصورة أكثر مرونة وديناميكية.
● تحليل المنافسين
يتمثل التحليل في ثلاث نقاط رئيسية، وهي:
- تحديد المنافسين: هنا ننطلق من سؤال: من الذي يقدم منتج مماثل أو مشابه لمنتجاتنا؟ حتى نتمكن من تحديد المنافسين المباشرين وغير المباشرين، ومن ثم نطرح سؤال أخر: بما يتميز هؤلاء المنافسين؟ لتكون استراتيجتنا تقديم ما هو أفضل منهم على الدوام.
- تحديد نقاط القوة والضعف: قيم نقاط قوة منافسينك ونقاط ضعفهم، على سبيل المثال: يعتمدون تكنولوجيا متقدمة أو شبكة توزيع فعالة، أو شراكات مع علامات موثوقة، أما نقاط ضعفهم مثلاً: مناطق انتشارهم محدودة، ضعف التواصل فيما بينهم وبين العملاء إلخ.
- تحليل استراتيجيات التسعير: كيف يقوم المنافسون بتسعير منتجاتهم؟ وهل يتبعون استراتيجيات تنافسية في هذا الصدد؟ وهل هذه الاستراتيجية متوافقة مع استراتيجية الأعمال العامة لديهم، وتأخذ في اعتبارها أهداف الشركة واستهداف السوق، أم أنها مرتبطة فقط بكلفة المنتج، وبتحقيق قيمة مضافة؟ حتى تتمكن من التعرف على مدى فاعلية هذه السياسة، ومدى قوتها من ضمن نقاط قوة المنافس.
لنذكر هنا مثالًا يوضح ما ذكرناه:
لنفترض أنك تدير شركة تكنولوجيا تقدم حلولاً للشركات الصغيرة، ومن خلال تحليل السوق تجد أن هنالك طلباً جيداً على خدمتك، وهناك أيضاً عدد منافسين لابأس به يقدم ذات الخدمة.
في تحليل المنافسين، يمكن أن تكتشف أن إحدى الشركات المنافسة لديها أسعار تنافسية، وتركز أيضاً على خدمة العملاء، في حين تعتمد شركة أخرى على توفير تكنولوجيا متقدمة بصورة أكبر، عند التعرف على هذه المزايا التي يمتلكها المنافسون، يمكنك تحديد ما إذا كان بإمكانك تقديم خدمة بتقنية أعلى وبسعر منافس، أم أنك ستسلك مسلكاً أخر، بحيث تبقي على سعرك ذاته ولكن بتقنية عالية جداً؛ لعدم قدرتك على المناورة في زاوية السعر، إضافة لخدمة عملاء أكثر جودة من المنافسين؛ لامتلاكك لفريق عمل مدرب بشكل جيد على التعامل مع الزبائن بحرفية عالية.
باستمرارية متابعة هذه العناصر وضبط استراتيجيتك بناءً على التحليل، ستكون قادرًا على تعزيز تنافسية مؤسستك والتفوق في سوق متزايد التنافس.
تطوير المزايا التنافسية
تطوير المزايا التنافسية يعني تحسين وتعزيز العوامل التي تجعل منتجاتك أو خدماتك فريدة، وأفضل مما يقدمه المنافسون في السوق، ولتتمكن من ذلك يجب أن تمتلك فهم ودراية عميقين باحتياجات السوق والعملاء، ما يسهم في جعل خطواتك أكثر فعالية، ويساعدك في تحقيق مزايا تنافسية قوية، ويزيد من رصيد المؤسسة في السوق، ويكون ذلك من خلال الاعتماد على التكنولوجيا الحديثة؛ التي ساعدت كثيراً، وسهلت العمل بشدة في وقتنا الحالي، إضافة لضرورة تقديم قيمة مضافة تعكس التزامًا بتحقيق رضا العملاء، مع العمل بشكل مستمر على دراسة التكاليف، ورفع جودة الخدمات؛ لضمان توفير منتج أو خدمة بسعر تنافسي وبجودة عالية ترفع مستوى التنافسية. هذا النهج الاستراتيجي يضمن استمرارية تفوق الشركة في سوق التغير هو الثابت الوحيد فيها.
الاستثمار في التكنولوجيا
يمثل تبني أحدث الحلول التكنولوجية مفتاحاً حاسماً لتحسين أداء الشركة والزيادة من قدرتها التنافسية، وذلك من خلال رفع الكفاءة العامة لعملياتها، وتعزيز التواصل والتفاعل بين أقسامها، واستخدام تحليل البيانات لاتخاذ قرارات أكثر دقة، كما يؤدي الاستثمار في تكنولوجيا المعلومات إلى تحسين أمان المعلومات وحمايتها من التهديدات السيبرانية، لذلك لابد لك من العمل على توطين التكنولوجيا التي تلبي احتياجات مؤسستك وتعزز إمكاناتك التنافسية.
تطوير مهارات الموظفين
يُشكل الموظفون الرأس المال الحقيقي لأي مؤسسة، وتطويرهم المستمر يزيد من قيمة أصولها البشرية، ويمثل ركيزة أساسية لرفع مستوى الأداء الفردي والجماعي للمؤسسة، لذا لابد من أن يشكل رفع مهارات وقدرات فريق العمل جزءاً لا يتجزأ من استراتيجة أي مؤسسة؛ لخلق موارد بشرية قادرة على مواجهة المنافسة المحتدمة في السوق، والتفكير بطريقة خلاقة ومتجددة .
ويتم ذلك عبر إتاحة فرص التعلم والتطور لكافة العاملين، من خلال الورش والدورات التدريبية التي تجعل الفرد محيطاً بكل ماهو جديد، يمتلك عقلاً ناقداً قادراً على إيجاد الحلول لكل المشكلات والتحديات، يمتلك معرفة جيدة بكل التقنيات الحديثة، وقادراً على التفكير بطريقة عملية وذكية. إضافة لتوفير البيئة اللازمة لتحفيزه للتطور والتعلم الذاتي، من خلال الدعم المعنوي، المكافأت والترقيات، والزيادة المطردة في الأجور.
استراتيجية التسويق الذكية
استراتيجية التسويق الذكية تمثل رحلة نحو مستقبل التسويق، حيث يتيح استخدامها تعزيز سمعة مؤسستك، وزيادة حضورها في السوق، كما تهدف لجذب عملاء جدد والحفاظ على العملاء الحاليين، ويعتمد هذا النهج على استخدام التكنولوجيا والبيانات بشكل فعال لتحسين أداء حملات التسويق وزيادة فعاليتها، من خلال تحليل البيانات بشكل آلي لفهم احتياجات وتفضيلات العملاء بطريقة أفضل، وبالتالي توجيه الجهود التسويقية بصورة أكثر دقة وتحديد.
الخاتمة
ختامًا يبرز تحسين تنافسية الشركة كهدف استراتيجي رئيسي، وكخطوة ضرورية وملحة نحو النجاح والاستمرارية في سوق الأعمال المتقلب، فمن خلال تحليل السوق والمنافسين يمكنك رؤية الفرص والتحديات بوضوح، وهو أحد الأساسيات لاتخاذ القرارات الاستراتيجية الذكية، كما يعزز تطوير المزايا التنافسية مكانتك في السوق، في حين يرتقي الاستثمار في التكنولوجيا بأدائك ويحدث تغييرًا حقيقيًا في كفاءة وسمعة الشركة، مع التركيز على تطوير مهارات الموظفين واعتماد آليات تسويق ذكية، مما يجعلك قادرًا على بناء أسس قوية للنمو المستدام والتفوق المستمر، فبتنفيذ هذه الخطوات الخمس، ستجد نفسك في المقدمة، جاذبًا للعملاء، متفوقًا على المنافسين، ومحققًا لنجاح يتجاوز التوقعات.
إقرأ أيضاً أسرار الإعلانات الرقمية
Share this content: