نموذج جامعة الملك عبد العزيز في التحول الرقمي

لم يعد استخدام التقنية الرقمية في التعليم نوعاً من الرفاهية أو إضافة تتميز بها بعض الجامعات العالمية، بل أصبح من الضروريات الأساسية التي تعتمد عليها كافة القطاعات الأكاديمية والتعليمية وقطاعات التدريب المهني، فأصبحت لغة العصر ومن الوسائل الأساسية في التعليم وخاصةً التعليم الجامعي حيث أصبحت طرق التعليم التقليدية لا تواكب الكم الهائل من المعلومات والبيانات بالإضافة لمتطلبات العصر والتطور المتسارع.

مما أوجب وجود استراتيجيات وآليات حديثة لاحتواء المعلومات والسيطرة عليها والاستفادة القصوى منها. ويعتمد التحول الرقمي في جامعة الملك عبد العزيز على ثلاثة عناصر أساسية وهي التقنية والطلاب وهيئة التدريس، وتتناول هذه المقالة نموذج التحول الرقمي في جامعة الملك عبد العزيز بالمملكة العربية السعودية.

نموذج جامعة الملك عبد العزيز:

بدأت جامعة الملك عبد العزيز كجامعة خاصة أهلية في جدة ثم قام الملك فيصل بن عبد العزيز بتحويلها إلى جامعة عامة مجانية لجميع الطلاب السعوديين، وأبناء المواطنات السعوديات المتزوجات من أجانب والمبتعثين من دول الخليج، واختيرت الجامعة في عام 2020 من أفضل 3 جامعات مستقلة سعودية من الناحية الأكاديمية والمالية والإدارية. وتعد الجامعة رابع أفضل جامعات دول الشرق الأوسط، وحققت الجامعة المرتبة الـ33 في قائمة المكتب الأمريكي لأفضل 100 جامعة في العالم تسجيلاً لبراءات الاختراع، جاء ذلك نتيجة تسجيلها لحوالي 71 اختراع في العام 2019-2020.

تجربة الجامعة في التحول الرقمي:

قامت العديد من الدراسات الحديثة العربية والأجنبية بإثبات وجود خلل كبير بين مخرجات التعليم الجامعي بصورة خاصة، وبين الاحتياجات الوظيفية لسوق العمل في المملكة العربية السعودية، لذلك وضعت جامعة الملك عبد العزيز هدف استراتيجي ينص على “تعزيز القيم والمهارات الأساسية للطلبة وتعزيز قدرة منظومة التعليم بالجامعة على تلبية متطلبات التنمية واحتياجات بيئة العمل الحديثة”. 

     كما أوضحت الجامعة أن أحد أهم مرتكزاتها هو تحقيق التحول الرقمي وتدريب أعضاء هيئة التدريس لتقديم أفضل أداء ممكن ولإعداد خريجين مؤهلين وقادرين على التأقلم مع موجات التحول الرقمي الحاصلة في العالم، الآخذة في التنامي في العصر الحالي والمستقبلي. وتتمسك الجامعة كثيراً بتطبيق أبعاد التحول الرقمي لما تحققه من مميزات لم تكن متوفرة من قبل، كما تسهم في تلاشي الأخطاء وتقليل التكاليف. 

     قامت الجامعة بتوقيع اتفاقية تفاهم مع أكاديمية هواوي لتقنية المعلومات والاتصالات من أجل تطوير نموذج الحرم الجامعي الذكي والعمل على استحداث تطبيقات مبتكرة من أجل النجاح في التحول الرقمي، وتناولت تلك الاتفاقية رسم خطة استراتيجية للتحول الرقمي بجامعة الملك عبد العزيز، واستعمال التقنيات المتقدمة مثل الذكاء الاصطناعي، والبيانات الضخمة، والحوسبة السحابية، وهو ما يجل الحرم الجامعي مرقمناً، ومنبعاً للتعليم الذكي، ومصدراً للأمان التقني. 

     وثقت جامعة الملك عبد العزيز روابطها وشراكتها مع أكاديمية هواوي لتقنية المعلومات والاتصالات، وذلك من أجل دعم وتنمية المهارات المستقبلية بالاعتماد على التدريب على التقنيات المتطورة، ولرفع خبرات ومهارات الطلاب علمياً وعملياً. وقد سعت جامعة الملك عبد العزيز إلى القيام بعملية التحول الرقمي بغرض دعم الشباب تقنياً، وتنميتهم باعتبار أنهم رؤوس أموال بشرية تشكل حجر الزاوية للبناء والتعمير، وأحد أهم الثوابت التي تعتمد عليها المجتمعات في العصر الراهن. 

     استهدفت جامعة الملك عبد العزيز من خلال ممارسات التحول الرقمي إلى تطوير أداء الموارد البشرية، وذلك من خلال نقل المعلومات بين الإدارات المختلفة بسهولة وانسيابية، وتعزيز دقة البيانات والمعلومات لتزيد ثقة الأفراد فيها، ولتقليل معدلات الأخطاء المترتبة على إدخال البيانات بالطريقة التقليدية اليدوية. كما سعت الجامعة من خلال التحول الرقمي إلى استغلال قدرات وإمكانيات ومواهب الموارد البشرية أفضل استغلال من خلال توظيف كافة الأفراد كل فيما يخصه ويبدع فيه لكي يؤدي كل فرد الدور الذي يحبه،

وينعكس ذلك إيجاباً على زيادة معدلات الأداء وعلى تحقيق السعادة الوظيفية للموارد البشرية بالجامعة. فضلاً عن استهداف جامعة الملك عبد العزيز للتقليل من الإجراءات الإدارية واختصارها، حيث إن توفير المعلومات بطريقة رقمية يقلل من الأعمال الورقية كما يقضي على الحاجة لزيادة حجم المستندات نتيجة لتوفيرها بشكل رقمي. كما هدفت جامعة الملك عبد العزيز من خلال ممارستها لأبعاد التحول الرقمي إلى زيادة الإنتاجية وتخفيض النفقات المرتبطة بالأداء، وذلك عن طريق استخدام تكنولوجيا شبكات المعلومات. 

     وكنتيجة مباشرة لتطبيق التحول الرقمي بجامعة الملك عبد العزيز، فقد تأثرت البيئة الأكاديمية وتحديداً أنشطة البحث العلمي، وسلوك الباحثين في البحث عن المعلومات، حيث كان الناتج من ممارسة أبعاد التحول الرقمي أن أسلوب البحث الذي يتبعه الباحثون في إيجاد واستخدام مصادر المعلومات قد تغير إلى الطرق الرقمية. وأصبح الباحثون يعولون بشكل كبير جداً على المعلومات الرقمية والإنترنت كوسيلة فعالة من أجل اكتساب وتبادل المعلومات، وأصبحت التقنيات الرقمية هي الأعظم تداولاً. 

الخُلاصة:

لفت انتباه جامعة الملك عبد العزيز مجموعة من الدراسات العربية والأجنبية التي قام بها عدة باحثون، والتي أوضحت وجود فجوة وخلل كبير بين مخرجات التعليم، وبين ما يحتاجه سوق العمل الرقمي في الحاضر والمستقبل، وهو ما أدى إلى قيام الجامعة باتباع خطوات جادة تجاه التحول الرقمي بدايةً من وضع أهداف استراتيجية للتحول الرقمي، ومن ثم ترجمة تلك الاهداف إلى خطط، ولعل أبرز الخطوات التي انتهجتها الجامعة كانت الاتفاقية التي وقعتها مع أكاديمية هواوي لتطوير حرم جامعي ذكي، ولابتكار تطبيقات تساهم في نجاح الأعمال الأكاديمية والإدارية، وقد انعكس ذلك بالإيجاب على طرق التدريس الحديثة في الجامعة، وعلى سلوكيات الباحثين الحديثة في البحث الإلكتروني عن المعلومات التي يحتاجون إليها.

للمزيد يمكن مراجعة:

موقع جامعة عبد العزيز الرسمية
إقرأ أيصاً هل من فوائد للتحول الرقمي في التعليم؟