الجامعات والتحول الرقمي: أخطاء في عملية التحول الرقمي اثناء جائحة كوفيد-19

ظهرcovid-19 على حين غفلة، لم يكن أحد قد تنبأ فعلياً بالأمر، وبالتالي لا مخططات تنفيذية لمواجهته؛ بل ارتجال واجتهاد مكثف وقوي من قبل الجميع. ورغم أن الجامعات كانت ولا تزال المؤسسات الأكثر تأثراً بانتشار الوباء؛ حيث تعتمد معظم الجامعات على صفوف يجتمع فيها الطلبة مع مدرسيهم ويمارسون أنشطة اجتماعية تعليمية، فقد تأثرت هذه الجامعات بعمليات الإغلاق بشكل كبير مما جعلها تبحث عن بدائل التدريس عبر التحول الرقمي.

الهدف من التحول الرقمي في المؤسسات التعليمية

بسبب الحاجة لاستمرار العملية التعليمية، وفي سبيل تحقيق الأهداف المخطط لها وتقليل الاختلاط بين الطلبة للحد من انتشار الوباء، وأيضاً لضمان الاستمرار بتحقيق متطلبات الحياة اللازمة، فقد قامت الجامعات تحت ضغط الوباء إلى العمل على بناء البنية التحتية اللازمة للتحول الرقمي هذا، لكن مع الأسف وكما هو الحال في كثير من التحولات فقد واجهت بعض الجامعات معضلات ومشاكل أثرت على جودة التعليم، حيث إن التحول السريع لم يرتقي إلى أهداف العملية التعليمية، وربما كان الهدف لدى كثير من الجامعات هو استمرار التعليم وليس نجاح العملية.

آلية التحول

بدأت معظم الجامعات بالاستعانة بمبرمجين واختصاصيين من ضمن مراكز البحوث المتقدمة لإنشاء نظام للتعليم الإلكتروني، فبدأوا بتجهيز السيرفرات اللازمة لنقل العملية التعليمية إلى المنصة الإلكترونية، فيما فضلت بعض الجامعات الحلول السهلة بالانتقال إلى استخدام برمجيات جاهزة مثل Zoom أو GoToMeeting وسواها، أو حتى اللجوء للمنصات التعليمية المتكاملة كما هو الحال عندMoodle، ولكن المشكلة الأكبر بقيت في أسلوب تقديم الامتحانات والرقابة عليها وكذلك ضمان المشاركة الفعالة للطلبة في الدروس التطبيقية.

المشاكل التي واجهت الانتقال الكامل

ومثل أي عملية تحول رقمي فالمؤسسة قد تواجه تحديات وصعاب أثناء عملية التحول. واجهت الجامعات العديد من الصعاب وقد استطاعت تجاوز بعضها في حين لم تستطع تجاوز بعضها الأخر. ومن هذه المشكلات التقنية التي واجهتها الجامعة:

1-السيرفرات لم تكن على قدر كافي من تحمل أعباء عدد الطلاب المتواجدين في الجامعات، خاصة عندما بدأت المهام ترتكز كلها على هذه السيرفرات مما جعلها بطيئة وقابلة للانهيار في أي وقت.

2-مشاكل وتقطع في البث أثناء حضور الدروس الافتراضية، وذلك بسبب الضغط الهائل على البنية التحتية للاتصالات، وعدم قدرة مزودي الخدمة على الارتقاء بخدماتهم بوقت قياسي.

3-مشاكل أثناء تقديم الامتحانات، كعدم قبول تغيير الإجابة الصحيحة، وعدم قبول تسليم الإجابة عند الانتهاء منه وما الى ذلك من مشاكل.

4-عدم القدرة على إجبار الطلاب على التفاعل أو إلزامهم بالحضور أو التركيز فيه عملياً.

المنصات الإلكترونية للتعليم عن بعد:

رغم أن منصات التعليم الإلكتروني لم ترتبط ولادتها بانتشار وباء كوفيد-19 إلا أنها لم تكن جاهزة لتحمل الضغوط وقبول التغيرات الكاملة التي باتت مطلوبة، منها، نستطيع الحديث هنا عن نظامين رئيسيين في حضور الدروس:

1-نظام دروس الأون لاين: حيث يكون هناك دروس تفاعلية بين الطالب والأستاذ ويوجد إمكانية للطالب للمشاركة بشكل فيديو أو صوت أو حتى ضمن خانة الدردشة، بالتالي يمكن التفاعل مع الطلبة ومع المدرس بشكل مناسب، كما يقوم الأستاذ المدرس بإرسال إشعارات لمواعيد الدروس وتلقي الاستفسارات والإجابة عليها.

2-نظام الدروس المسجلة: يقوم المدرس بتسجيل الفيديو ورفعه على المنصة، وهناك خانة تمكن الطالب من إرسال الرسائل والاستفسار إذا أراد ليرد عليها المدرس في وقت لاحق.

وبالنسبة للواجبات| الوظائف والمشاريع: يوجد في المنصة خانة منفصلة من أجل الوظائف، حيث تظهر إشعارات على أن المدرس قد قام برفع طلب وظيفة من الطلاب، وتحتوي الخانة الواجب المطلوب، وأيضاً مواعيد الإتمام وآلية التقييم وغيره.

أما نظام الامتحانات: كان في المنصة نظام مخصص من أجل الامتحانات، حيث يتم وضع الامتحان سواء بالشكل الكلاسيكي (يقوم المدرس بوضع السؤال ويطلب إجابة مكتوبة من الطالب)، أو بشكل الاختيار من متعدد (سؤال وله عدة خيارات ويختار الطالب الإجابة الصحيحة)، وحتى يوجد ملئ فراغات و توصيل، ولكن يعاب على هذه الطرق أنها عرضة للغش من خلال تعاون الطلاب أو النظر في المراجع أو الاستعانة بالكتب، لذا فلابد أن تكون الامتحانات إبداعية وتعتمد على الفهم وليس المواد المدرسية.

إيجابيات وسلبيات عملية التحول الرقمي في الجامعة:

1-إستمرار العملية التعليمية ولو بقدر اقل من الكفاءة عن التعليم التقليدي.

 الإيجابيات:

2-العمل على استدامة منصة التعليم عن بعد.

3-خوض تجربة التحول الرقمي.

4-التأسيس لبناء نظام التعليم المختلط (التعليم وجهاً لوجه مع التعليم الإلكتروني) الذي يمكن استخدامه لاحقاً.

5-إتاحة فرصة افتتاح اقسام للدراسة عن بعد في الجامعة.

6-الرجوع الى الدروس المسجلة عند الحاجة.

7.توفير التكاليف على المدرسين والطلاب وبكل تأكيد على الجامعة.

السلبيات:

1-انخفاض جودة التعليم.

2-تراجع أهمية التعليم الجامعي لصالح المعاهد التدريبية والمشاريع البحثية وغير ذلك.

3-عدم وجود نظام مراقبة فعال للامتحانات، حيث قد لا يجبر الطلاب على تشغيل الكاميرا ولا يتم ضمان عدم خروج الطالب من الموقع أثناء تقديم الامتحانات وبالتالي زادت سبل وفرص الغش وسهولة الاستعانة بمصادر خارجية، في بعض الحالات لجئ أحد الطلاب إلى استئجار طلاب أخرين للدخول مكانه في الامتحان بمقابل مادي، فيما لجئ أخر لفتح كمبيوترين في وقت واحد؛ الأول لإجابة على الأسئلة والثاني للبحث عن الإجابات أو فتح المراجع.

4-عدم متابعة التزام الطلاب بحضور المحاضرات “الأون لاين”، في بعض الحالات قام المدرسون بإعطاء الدروس ولا يتواجد معهم طالب واحد، وأيضاً نسبة حضور الفيديوهات المسجل للمحاضرة كانت قليلة جداً.

5-إنخفاض السوية التعليمية عند الطلاب بسبب نقص المعلومات أثناء فترة التعلم عن بعد، وظهر هذا جلياً عندما أعادت الجامعات افتتاح أبوابها للتعليم التقليدي بعد انحسار موجة فيروس كورونا.

6-عدم توفر آلية لتعويض الأقسام التطبيقية من الحصول على فرصة التدريب العملي وبالتالي فقد طلاب الأقسام التطبيقية فرصة الحصول على التعلم العملي.

خلاصة

إن عملية التحول الرقمي بحاجة لخطة مدروسة بإحكام وأدوات فعالة لضمان نجاحها، وإلا فإنها قد تفضي إلى آثار ونتائج لا يحمد عقباها، وفي الوقت الذي تتطلع الجامعات فيه نحو نتائج مرضية تحدث الصدمة برؤية النتائج الكارثية لهذا التحول، فلقد كانت تجربة بعض الجامعات سلبية وأثرت في عموم التجربة التعليمية العالمية، وذلك بسبب عدم إتباعها الأدوات الصحيحة للتحول الرقمي، أو بمعنى أخر ارتكازها على التحول الأعرج؛ بتطبيق جانب من التحول وترك جوانب أخرى. لقد كان من المفترض أن تتعامل مع منصات رقمية تعليمية متكاملة الخدمات للاستفادة من خبرات سابقة وأدوات هذه المنصات للحصول على النتائج المرضية، إضافة للتخطيط ونظام التتبع والتقييم.