يتوقع أن تشهد المرحلة التي تلي الانتخابات عادة حالة من المراجعة وإعادة التقييم داخل مؤسسات الدولة، ويُنتظر أن يشمل ذلك النقاش حول السياسات الاقتصادية العامة واتجاهاتها، فالمجلس الجديد يبدأ عمله في لحظة اقتصادية تتسم بدرجات متفاوتة من الضغط المالي والتحديات المعيشية، إلى جانب الحاجة إلى تهيئة بيئة تشريعية أكثر مرونة في التعامل مع متغيرات السوق الداخلية والخارجية.يدور النقاش الاقتصادي في البلاد منذ فترة حول الكيفية التي يمكن من خلالها تحقيق توازن بين استمرار الدولة في إدارة الموارد الأساسية والحفاظ على دورها الاجتماعي من جهة، وبين توسيع مساحة النشاط الاقتصادي الخاص وتشجيع الاستثمار من جهةٍ أخرى. ويُتوقع أن تتواصل هذه المقاربة خلال الفترة المقبلة ضمن الأطر التشريعية التي يعمل المجلس على مناقشتها، بحيث يُعاد تنظيم العلاقة بين القطاعين العام والخاص وفق أسس قانونية أكثر وضوحاً. في هذا الجانب، يُتوقع أن يحتل موضوع تحسين بيئة الأعمال موقعاً متقدماً في النقاش البرلماني، مع تركيز على تعديل التشريعات المتعلقة بالاستثمار والإجراءات الإدارية والضرائب بهدف تسهيل تأسيس المشاريع وإعادة تنشيط القطاعات الإنتاجية. كما يُنتظر أن تستحوذ الموازنة العامة القادمة على اهتمامٍ خاص، ليس فقط من زاوية الأرقام، بل من حيث توزيع الموارد وتوجيهها نحو القطاعات الحيوية كالزراعة والصناعة والطاقة والخدمات الاجتماعية. تبقى السياسات المالية والنقدية في صلب التوجهات التي سيواكبها المجلس، خصوصاً ما يتعلق بضبط الإنفاق العام وتطوير الأنظمة المصرفية، وقد يشهد النقاش تحركاً باتجاه تعزيز الرقابة على الأداء المالي والاقتراب أكثر من المعايير الحديثة في الشفافية وإدارة الموارد، وذلك من خلال لجان مختصة يمكن أن تعمل على دراسة التقارير الحكومية وتقديم توصيات تشريعية أو رقابية بشأنها. كما يبرز الاهتمام بملف القطاع العام، حيث تواصل الحكومة الحديث عن برامج لإعادة هيكلة المؤسسات الخاصة به وتحسين كفاءتها التشغيلية، وهي خطوات تتطلب تعديلات قانونية يمكن للمجلس أن يواكبها تشريعياً أو يراجعها في ضوء البيانات المقدمة إليه. كما قد تشهد المرحلة المقبلة نقاشاً أوسع حول آليات الشراكة بين القطاعين العام والخاص، وهو اتجاه يطرح نفسه كأحد السبل لزيادة الإنتاج والخدمات دون عبء مالي مباشر على الموازنة العامة. تُعدّ العلاقات الاقتصادية الخارجية محوراً آخر من محاور العمل المنتظر، إذ تمرّ عبر المجلس المصادقات على الاتفاقيات ومذكرات التفاهم الاقتصادية، خاصة تلك التي تتصل ببرامج التمويل أو التعاون الإقليمي، ومن هنا يتوقع أن يكون للمجلس دور في مناقشة الصيغ القانونية التي تنظّم هذه العلاقات بما يتوافق مع الاعتبارات الوطنية والسياسات العامة للدولة. على مستوى المدى المتوسط، يمكن أن تتجه أعمال المجلس إلى دراسة القوانين التي تنظّم النشاط الصناعي والزراعي بهدف تحسين الإنتاج المحلي وتخفيف الاعتماد على الاستيراد، وذلك في ضوء التحديات التي تواجه الأمن الغذائي وسلاسل التوريد، كما سيطرح في اللجان المختصة موضوع إصلاح النظام الضريبي وإقرار القوانين التي يجري العمل عليها ليصبح أكثر عدالة ومرونة في تحفيز النشاط الاقتصادي