نموذج التحول الرقمي في الهيئة القومية للتأمين الاجتماعي
مع التقدم التكنولوجي وتزايد أهمية التحول الرقمي في تحسين طرق أداء العمل وجودته، وفي اختصار الوقت المستغرق للإنجاز، وتقليل كلفة العمل، ورفع جودة الأداء وتقليل حجم الأخطاء، أصبحت المنظمات تتفاعل مع هذه التغيرات المتسارعة وتعمل على تقييم أوضاعها وأداء كوادرها وسد أي خلل أو نقص في مهارات العاملين بها. ولقد أصبح استخدام التكنولوجيا الجديدة أصبح أمرًا ضروريًا للمنظمات في السنوات الأخيرة، حيث تتعرض المنظمات لضغوط كبيرة لجعل التحول الرقمي أولوية استراتيجية واستغلال للفرص التي توفرها التقنيات الحديثة، مثل وسائل التواصل الاجتماعي والهواتف المحمولة والحواسيب والأجهزة المدمجة لتحقيق تحسينات كبيرة في الأعمال، كتحسين تجربة العملاء وتبسيط العمليات وابتكار نماذج أعمال جديدة. يتجاوز التحول الرقمي مجرد تحويل الموارد إلى صيغ رقمية، بل يساهم في بناء القيمة وزيادة الإيرادات من الأصول الرقمية.
ومن أهم المنظمات التي خطت خطوات جادة وملموسة على أرض الواقع لتحاكي بها أحدث التجارب العالمية في مجال التحول الرقمي ورقمنة التعاملات المالية هي الهيئة القومية للتأمين الاجتماعي المصرية.
النموذج:
أنشئت الهيئة القومية للتأمين الاجتماعي بقرار رقم 79 لعام 1975، وبناءً على هذا القانون فإن الهيئة تقوم بالإشراف على مؤسستين تابعتين لها، وهما الهيئة العامة للتأمين والمعاشات والهيئة العامة للتأمينات الاجتماعية. تدير الهيئة نظام التأمين الاجتماعي في جمهورية مصر العربية، يتولى مجلس إدارة الهيئة السلطة العليا في الهيئة ويضع وينفذ السياسات اللازمة لتحقيق أهدافها. تتمتع الهيئة بالاستقلال الفني والمالي والإداري وتتبع وزير التأمينات الاجتماعية، تختص الهيئة بتقديم خدمات التأمين الاجتماعي للمؤمن عليهم وأصحاب المعاشات والمستحقين عنهم، بما في ذلك توفير الحماية الاجتماعية للعمالة في مصر وجمع الاشتراكات واستثمار الأموال وصرف الحقوق التأمينية في حالات الشيخوخة والعجز والوفاة وإصابة العمل وتعويض البطالة.
تجربتة الهيئة القومية للتأمين الاجتماعي في التحول الرقمي:
تعد الهيئة القومية للتأمين الاجتماعي أحد القطاعات الحكومية التي يناط بها تنفيذ السياسات الخاصة للدولة والقيام بإنهاء مصالح الأفراد بشكل سريع ، وحساب المعاشات للمواطنين ، وأيضا تحصيل الإيرادات الخاصة بالدولة في هذا القطاع بشكل سليم وسريع ، لذا فإن الأمر يتطلب منها التطوير المستمر ومواكبة التغييرات للإيفاء بمتطلبات المستفيدين ، واستخدام أفضل الأساليب الحديثة والمبتكرة في أنشطتها من خلال استعمال المعرفة المكتسبة والتي تتمثل في التحول من أداء الأعمال بالأسلوب اليدوي إلى استخدام الحاسبات الرقمية وتطبيقها ودمجها في أنشطتها المختلفة للإفادة منها في سرعة إنهاء المهام والخدمات.
قامت الهيئة برقمنة كافة عملياتها التي كانت تؤديها بشكل تقليدي، ففي وقتنا الحالي لم يعد المستفيد من نظام التأمينات الاجتماعية بحاجة إلى التوجه إلى أحد مكاتب أو فروع التأمينات الاجتماعية للسؤال عن رقمه التأميني أو عن الشريحة التأمينية التي ينتمي لها، كما أنه لم يعد هناك أي داعي للتوجه للمقرات للاستعلام عن حالة سداد قيمة الأقساط التأمينية التي تدفع للهيئة في حساب المستفيد، فلقد أصبحت جميع هذه العمليات تتم بشكل رقمي من خلال موقع الهيئة الإلكتروني على شبكة الإنترنت. ويتيح الموقع لكافة المستفيدين فتح حساب إلكتروني على المنصة لمتابعة كل ما يتعلق بالتامين الاجتماعي للموظفين وأصحاب الأعمال.
في عام 2022 بدأت الهيئة القومية للتأمين الاجتماعي في تصميم برامج وتطبيقات تساهم في أرشفة جميع الملفات بشكل إلكتروني وفي العام الحالي بدأت الهيئة فعلياً في تنفيذ مشروع الأرشيف الإلكتروني بهدف الاحتفاظ بجميع ملفات الهيئة بشكل رقمي، حيث يتم الآن تخزين جميع الملفات الإلكترونية والاحتفاظ بها في مخازن إلكترونية مركزية مصممة بطريقة تتوافق مع أحدث المعايير الدولية في الأرشفة الإلكترونية للملفات.
إن التحول الرقمي قد أحدث تحولًا جذريًا في نظام التأمين الاجتماعي في مصر، يتمثل هذا التحول في ربط قواعد بيانات الهيئة القومية للتأمين الاجتماعي مع الجهات الأخرى ذات الصلة بعمل الهيئة، مثل مصلحة الأحوال المدنية والإدارة العامة للمرور وأجهزة حكومية أخرى ذات صلة بنشاط الهيئة، وبسبب هذا التحول الرقمي ستتمكن الهيئة من تحسين كفاءتها وتحديث عملياتها بشكل كبير، سيتم تسهيل تدفق المعلومات والبيانات بين الجهات المعنية، مما سيؤدي إلى تحسين الخدمات التي يتلقاها المواطنون. على سبيل المثال، ستكون هناك إمكانية تبادل المعلومات بشكل فوري بين الهيئة القومية للتأمين الاجتماعي ومصلحة الأحوال المدنية، مما يتيح للهيئة الوصول السريع إلى بيانات الأفراد وتحديثها بشكل تلقائي.
خاتمة:
قامت الهيئة القومية للتأمين الاجتماعي بإنشاء موقع على الإنترنت لكي تقدم كافة الخدمات التأمينية من خلاله بهدف التسهيل على المواطنين. فلقد أتاح التحول الرقمي تنفيذ عمليات التأمين الاجتماعي بشكل أكثر سلاسة وسهولة. حيث أصبح هناك إمكانية لتقديم الطلبات والمستندات عبر الإنترنت، مما يقلل من الحاجة إلى الانتقال الشخصي إلى المكاتب الحكومية، وهو مما يوفر الوقت والجهد للمواطنين والهيئة على حد سواء. بشكل عام، فإن النتيجة النهائية لهذا التحول الرقمي هي تحسين فعالية وشمولية نظام التأمين الاجتماعي في مصر، كما باتت معالجة المعاملات تتم بشكل أسرع وأكثر دقة، وستزيد الشفافية والثقة في النظام، وبذلك سيستفيد المواطنون من خدمات أفضل وأكثر ملائمة، مع توفير الموارد وتحسين إدارة العمليات الحكومية.
- إقرأ المزيد نموذج التحول الرقمي في جهاز التنظيم والإدارة
