الملخص التنفيذي
تشهد سوريا، بعد عقد من الصراع المدمر، تحولاً اقتصادياً حذراً يفتح آفاقاً جديدة للاستثمار، لا سيما في قطاع الأسمدة. فمع رفع العقوبات الدولية وتوجه الحكومة الانتقالية الجديدة نحو نهج السوق الحر، يبرز القطاع الزراعي كركيزة أساسية للتعافي الاقتصادي وتحقيق الأمن الغذائي، مما يخلق طلباً حيوياً على الأسمدة. تمتلك سوريا احتياطيات هائلة من المواد الخام الرئيسية لإنتاج الأسمدة، مثل الفوسفات والغاز الطبيعي، مما يمنحها ميزة تنافسية كبيرة.
ومع ذلك، يواجه المستثمرون تحديات كبيرة تتمثل في البنية التحتية المتضررة (الكهرباء والمياه والنقل)، وارتفاع تكاليف التشغيل، والبيئة التنظيمية والمالية التي لا تزال في طور التطور. يتطلب الاستثمار الناجح في هذا القطاع استراتيجية شاملة تركز على الاستفادة من تخفيف العقوبات، وإعادة تأهيل البنية التحتية، وتعزيز القدرة الإنتاجية المحلية ذات القيمة المضافة، والتغلب على العقبات المالية والتنظيمية، ودمج الممارسات الزراعية الذكية مناخياً. يقدم هذا التقرير تحليلاً معمقاً لهذه العوامل، مقدماً توصيات استراتيجية للمستثمرين المحتملين.
المشهد الاقتصادي المتطور في سوريا: أسس الاستثمار
يشهد الاقتصاد السوري مرحلة انتقالية معقدة، مدفوعة بتغيرات سياسية واقتصادية جوهرية. بعد أكثر من عقد من النزاع، الذي أدى إلى انخفاض الناتج المحلي الإجمالي إلى النصف بين عامي 2010 و 2020 ، وتدهور كبير في قيمة الليرة السورية، حيث فقدت حوالي ثلثي قيمتها في عام 2023 وحده، وارتفاع معدل التضخم الاستهلاكي إلى 40% في عام 2024. على الرغم من هذه التحديات، يسود تفاؤل حذر بين المحللين بشأن إمكانية الانتعاش الاقتصادي.
مسارات التعافي والنمو بعد الصراع
تشير التقديرات إلى أن الناتج المحلي الإجمالي لسوريا بلغ 37.1 مليار دولار في عام 2022، وارتفع إلى 39.5 مليار دولار في عام 2023، لكنه يتوقع أن ينخفض إلى 29.3 مليار دولار في عام 2024. كما انخفض نصيب الفرد من الناتج المحلي الإجمالي من 2,800 دولار في عام 2010 إلى 2,100 دولار في عامي 2022 و 2023. هذه الأرقام، على الرغم من التقلبات، يجب أن تُفهم في سياق الانتعاش من قاعدة منخفضة جداً.
يشير تقرير مشترك صادر عن اللجنة الاقتصادية والاجتماعية لغربي آسيا (الإسكوا) ومؤتمر الأمم المتحدة للتجارة والتنمية (الأونكتاد) إلى سيناريو للتعافي يمكن أن يشهد نمواً في الناتج المحلي الإجمالي بنسبة 13% سنوياً في المتوسط بين عامي 2024 و 2030. ومع ذلك، حتى في ظل هذا النمو الطموح، لن يصل الناتج المحلي الإجمالي للبلاد إلا إلى 80% من مستواه قبل الحرب بحلول نهاية العقد، بينما لن يصل نصيب الفرد من الناتج المحلي الإجمالي إلا إلى نصف مستوى عام 2010. تشير التوقعات إلى أن استعادة الناتج المحلي الإجمالي إلى مستواه قبل الحرب يتطلب ست سنوات إضافية من النمو المتسق بنسبة 5%، مما يمدد الجدول الزمني إلى عام 2036، بينما يتطلب استعادة نصيب الفرد من الناتج المحلي الإجمالي إلى مستوى عام 2010 حتى عام 2041، بافتراض معدل نمو سنوي قدره 7.5%.
هذا التباين بين التوقعات قصيرة الأجل وطموحات التعافي طويلة الأجل يشير إلى أن المستثمرين يجب أن ينظروا إلى ما وراء الأرقام الفورية للناتج المحلي الإجمالي. فالتحولات السياسية الأخيرة، مثل رفع العقوبات وتوجه الحكومة نحو السوق الحر، تمثل تحولاً أساسياً في البيئة الاقتصادية. وبالتالي، فإن الفترة الحالية، على الرغم من التقلبات العددية، قد تمثل نقطة دخول فريدة قبل أن يؤدي التعافي الكبير إلى ارتفاع أسعار الأصول.
تأثير تخفيف العقوبات والتعقيدات التنظيمية المتبقية
شهدت سوريا تحولاً كبيراً في وضع العقوبات، حيث انتقلت من كونها واحدة من أكثر الدول خضوعاً للعقوبات إلى دولة تسير على طريق تطبيع العلاقات التجارية مع العالم الغربي. أصدرت وزارة الخزانة الأمريكية ترخيصاً عاماً رقم 25 (GL 25) في 23 مايو 2025، والذي يخول على نطاق واسع المعاملات المالية التي كانت محظورة سابقاً، بما في ذلك الاستثمار الجديد في سوريا، وتقديم الخدمات المالية وغيرها، والمعاملات المتعلقة بالنفط أو المنتجات البترولية سورية المنشأ. كما رفعت شبكة مكافحة الجرائم المالية (FinCEN) الحظر عن حسابات المراسلة للبنك التجاري السوري (CBoS). وفي 24 فبراير 2025، رفع الاتحاد الأوروبي العديد من العقوبات القطاعية، بما في ذلك القيود المفروضة على قطاعي الطاقة والنقل، وأزال أربعة بنوك من قائمة تجميد الأصول، من بينها البنك التعاوني الزراعي. كما علقت المملكة المتحدة جزئياً عقوباتها التي تستهدف سوريا.
هذا التخفيف للعقوبات يمثل فرصة كبيرة للمستثمرين. ومع ذلك، من المهم ملاحظة أن هذا التخفيف تم من خلال ترخيص عام يمكن إلغاؤه، وأن قيود مراقبة الصادرات الأمريكية لا تزال تتطلب تراخيص لمعظم السلع والبرامج والتكنولوجيا. لا تزال سوريا مصنفة كدولة راعية للإرهاب، مما يحمل معه قيوداً إضافية ومخاطر قانونية. قد تستمر البنوك في “تجنب المخاطر” المتعلقة بسوريا، وقد تحتوي اتفاقيات القروض الحالية على لغة تحظر التعامل التجاري مع سوريا.
لذلك، بينما فُتح الباب للاستثمار، يحتاج المستثمرون إلى استشارة قانونية قوية وإدارة مخاطر دقيقة. فالمشهد ليس عودة إلى الوضع الطبيعي قبل النزاع، بل هو بيئة معقدة ومتطورة. يمكن للمبادرين الأوائل تحقيق مزايا، لكنهم سيواجهون تحديات أكبر في الامتثال المالي والقانوني.
التحول نحو اقتصاد موجه نحو السوق
تبنت الحكومة الانتقالية الجديدة نهجاً اقتصادياً موجهاً نحو السوق الليبرالية. وقد شمل هذا التحول إلغاء القيود على تداول العملات الأجنبية وتحرير سعر الصرف، وبدء خصخصة الشركات المملوكة للدولة، وتقديم إعفاءات ضريبية وجمركية لتشجيع الاستثمار. تهدف وزارة الاقتصاد والصناعة إلى تعزيز القطاع الصناعي من خلال دعم الإنتاج المحلي وجذب رأس المال الخاص.
ومع ذلك، أدى هذا التحول إلى تحديات كبيرة للصناعة المحلية. فقد غمرت السلع الأجنبية السوق بأسعار منخفضة، مدعومة بإعفاءات جمركية، مما هدد الصناعات المحلية. كما أن الرسوم الجمركية المفروضة على المواد الخام أعلى من تلك المفروضة على المنتجات المستوردة، مما يضعف قدرة المنتجين المحليين على المنافسة. بالإضافة إلى ذلك، تعاني الصناعة من ارتفاع تكاليف الطاقة (خاصة الكهرباء)، والسياسات الضريبية، وتقلبات أسعار صرف الدولار، وغياب الدعم الحكومي الكافي. كما أن تنفيذ الإجراءات الداعمة بطيء، مما يدفع الصناعيين إلى التفكير في التحول نحو التجارة بدلاً من الصناعة.
يشير هذا إلى أن البيئة السياسية لا تزال تتطور. يجب على المستثمرين مراقبة قدرة الحكومة على تنفيذ سياسات متوازنة تجذب رأس المال الأجنبي مع حماية الإنتاج المحلي. قد يتطلب ذلك الدعوة إلى تدابير حماية محددة لصناعة الأسمدة أو طلب ضمانات. كما أن عدم الاستقرار المالي، بما في ذلك انخفاض قيمة الليرة السورية وارتفاع التضخم ، يمثل مخاطر تشغيلية كبيرة لأي عمل يتطلب تسعيراً مستقراً وتكاليف استيراد/تصدير ثابتة.
الجدول 1: مؤشرات اقتصادية رئيسية مختارة (2022-2024)
المؤشر الاقتصادي |
2022 | 2023 | 2024 (تقديري) |
الناتج المحلي الإجمالي (مليار دولار) |
37.1 | 39.5 |
29.3 |
الناتج المحلي الإجمالي للفرد (دولار) |
2,100 |
2,100 |
– |
معدل التضخم الاستهلاكي (%) |
– |
93% |
40% |
انخفاض قيمة الليرة السورية مقابل الدولار الأمريكي (%) |
– |
141% |
– |
الميزان التجاري (مليار دولار) |
– | -2.7 |
– |
القطاع الزراعي: محرك الطلب على الأسمدة
لطالما شكل القطاع الزراعي ركيزة حيوية للاقتصاد السوري قبل النزاع، حيث كان يمثل مصدراً اقتصادياً مباشراً أو غير مباشر لحوالي 46% من السكان ومسؤولاً عن حوالي ثلث صادرات سوريا. ومع ذلك، فقد تعرض هذا القطاع لضربة قاصمة خلال سنوات الصراع، مما أثر بشكل كبير على الأمن الغذائي والقدرة الإنتاجية للبلاد.
الوضع الحالي للأمن الغذائي والإنتاج الزراعي
تدهور الوضع الغذائي بشكل كبير منذ ديسمبر 2024، حيث يعاني 14.56 مليون شخص من انعدام الأمن الغذائي، منهم 9.1 مليون يعانون من انعدام الأمن الغذائي الحاد. يغطي الحد الأدنى للأجور 18% فقط من مكون سلة الإنفاق الغذائي الأدنى (MEB). وقد أدت سنوات النزاع إلى تدمير البنية التحتية للري وإدارة المياه، واستهداف الأراضي الزراعية، وارتفاع تكلفة المدخلات الزراعية مثل الأسمدة والوقود.
موسم المحاصيل 2024/2025 ضعيف وعادة ما يكون أقل من المتوسط، حيث تزامن مع المرحلة الأخيرة من النزاع المسلح، مما أدى إلى حالة من عدم اليقين والنزوح وصعوبات لوجستية. ونتيجة لذلك، لم يتم زراعة سوى 56% من المساحة المروية المخطط لها (حوالي 323,000 هكتار) و 58% من الأراضي البعلية. انخفض إنتاج القمح بنسبة 30-40% عن متوسط ما قبل الأزمة. تشير التقديرات إلى أن إنتاج القمح الحالي يغطي 19% فقط من حاجة البلاد المقدرة بـ 4 ملايين طن لسكان يبلغ عددهم 22.5 مليون نسمة.
هذا الوضع يؤكد أن الزراعة ليست مجرد قطاع اقتصادي، بل هي ضرورة استراتيجية للاستقرار الوطني والأمن الغذائي. فالاستثمار في الأسمدة لا يمثل فرصة تجارية فحسب، بل يساهم بشكل مباشر في التخفيف من أزمة الغذاء، مما قد يفتح الباب أمام آليات تمويل مختلفة، مثل المساعدات التنموية أو التمويل المختلط.
الحاجة الماسة للمدخلات الزراعية والمرونة المناخية
يظل الوصول إلى الغذاء أحد أهم الأولويات الإنسانية. هناك حاجة ماسة لدعم سبل العيش الزراعية في حالات الطوارئ، بما في ذلك المساعدات المالية والعينية، وتوفير الأعلاف الحيوانية، والخدمات الصحية للحيوانات، وتوفير الأسمدة والمياه لزيادة الإنتاج.
يؤدي ارتفاع تكاليف المدخلات، بما في ذلك الوقود والأسمدة، إلى تثبيط المزارعين عن زراعة الحبوب الاستراتيجية، مما يدفعهم إلى التحول نحو محاصيل أكثر ربحية مثل اليانسون والكمون. كما أن المدخلات المدعومة من الحكومة غير قادرة على تلبية الاحتياجات الكاملة للمزارعين.
بالإضافة إلى ذلك، تواجه سوريا صدمات ناجمة عن تغير المناخ، بما في ذلك الجفاف ونقص المياه، مما يقوض إنتاجية الأراضي الرعوية. فمنذ عام 2020، شهدت بلاد الشام أمطاراً منخفضة بشكل استثنائي وجفافاً متعدد السنوات، مما أدى إلى انخفاض كبير في غلة المحاصيل. هذا التحدي المناخي ليس مجرد مشكلة بيئية، بل هو محرك مباشر للطلب على المدخلات الزراعية وفرصة للاستثمار المتخصص. وبالتالي، يجب أن تأخذ استثمارات الأسمدة في الاعتبار التركيبات المناسبة للزراعة المقاومة للمناخ، مثل الأسمدة المعززة للكفاءة.
المحاصيل الرئيسية ومتطلبات الأسمدة
تعد القمح والشعير من المحاصيل الحبوب الرئيسية في سوريا، بينما القمح والقطن من المحاصيل المروية الرئيسية. كما أن زراعة البقوليات (مثل الفول والبازلاء والعدس والحمص) أقل من المخطط لها.
أعلنت وزارة الزراعة والإصلاح الزراعي (MAAR) عن حاجة البلاد إلى 100 ألف طن من سماد اليوريا لإنتاج القمح في موسم الشتاء 2023-2024، حيث تم استيراد 50 ألف طن وتوفير 29 ألف طن من المصنع الحكومي في حمص. يتم تصنيع الأسمدة النيتروجينية والسوبر فوسفات الثلاثي محلياً في سوريا، ولكن الواردات، خاصة من النيتروجين، تتزايد بوتيرة أسرع. من المتوقع أن يستمر استهلاك الأسمدة في الارتفاع بسبب مشاريع الري الجديدة، وزيادة الطلب على المنتجات الحيوانية (محاصيل الأعلاف)، وزيادة استخدام الأسمدة في محاصيل الفاكهة.
يشير هذا إلى أن إنتاج اليوريا والفوسفات (TSP) يمثلان مجالات استثمار ذات أولوية عالية مع طلب مؤكد. كما توجد فرص للأسمدة المتخصصة التي تلبي احتياجات أعلاف الماشية ومحاصيل الفاكهة، مما قد يوفر هوامش ربح أعلى أو منافسة أقل.
صناعة الأسمدة في سوريا: نظرة معمقة
تتمتع سوريا بإمكانيات كبيرة في صناعة الأسمدة بفضل احتياطياتها الوفيرة من المواد الخام، ولكنها تواجه تحديات كبيرة في تحقيق أقصى استفادة من هذه الموارد.
القدرات الإنتاجية المحلية والأداء التاريخي
تمتلك سوريا احتياطيات فوسفات صخري واسعة النطاق، تقدر بحوالي 1.7 مليار طن إلى 2 مليار طن. وقد احتلت المرتبة الخامسة عالمياً في تصدير الفوسفات في عام 2011. بلغ إنتاج الفوسفات الصخري 350 ألف طن سنوياً بين عامي 2018 و 2020. تمتلك مناجم GECOPHAM (الخنيفس، الشرقية أ/ب) قدرات إنتاجية تبلغ 1.1 مليون طن/سنة، و 800 ألف طن/سنة، و 700 ألف طن/سنة على التوالي. وتخطط الحكومة لزيادة إنتاج الفوسفات إلى 6 ملايين طن/سنة على المدى القصير و 10 ملايين طن/سنة على المدى الطويل.
بلغت قدرة معالجة الفوسفات في عام 2020 111 ألف طن/سنة لحمض الفوسفوريك و 174 ألف طن/سنة للسوبر فوسفات الثلاثي (TSP). وزاد إنتاج حمض الفوسفوريك بنسبة 25% في عام 2021.
تعد الشركة العامة للأسمدة (GFC) في حمص أكبر مجمع صناعي كيميائي في سوريا، وتنتج أسمدة اليوريا ونترات الأمونيوم والفوسفات. تبلغ سعة مصنع الأمونيا-اليوريا 900 طن/يوم ، وتبلغ سعة مصنع السوبر فوسفات 20-25 طناً/ساعة. توقف الإنتاج في مصانع GFC في عام 2015 بسبب نقص الغاز الطبيعي والفوسفات الصخري والكهرباء وقطع الغيار، واستؤنف في عامي 2017 و 2020. وعلى الرغم من زيادة الإنتاج، لا يزال هناك نقص في إمدادات الأسمدة للمزارعين، مما يستلزم الاستيراد.
هذا التناقض بين وفرة المواد الخام ونقص المنتجات النهائية يشير إلى فجوة كبيرة في القدرة على المعالجة والتصنيع. تكمن فرصة الاستثمار في تعزيز هذه القدرات.
الجدول 2: القدرات الإنتاجية للأسمدة السورية (حسب النوع)
نوع المنتج |
القدرة الإنتاجية (طن/سنة) |
ملاحظات |
الفوسفات الصخري (GECOPHAM) |
2,600,000 (إجمالي المناجم) |
خطة لزيادة الإنتاج إلى 6-10 مليون طن/سنة |
حمض الفوسفوريك |
111,000 |
|
السوبر فوسفات الثلاثي (TSP) |
174,000 |
|
اليوريا (GFC) |
328,500 (900 طن/يوم) |
|
نترات الأمونيوم (GFC) |
– |
تم استئناف الإنتاج |
أسمدة الفوسفات (GFC) |
146,000 (400 طن/يوم) |
|
حمض الكبريتيك (GFC) |
620,500 (1700 طن/يوم) |
مصنعين بسعة 850 طن/يوم لكل منهما، يعملان بنحو 50% من السعة قبل التجديد |
تتولى الشركة العامة للفوسفات والمناجم (GECOPHAM) عمليات إنتاج الفوسفات الصخري. وتعد الشركة العامة للأسمدة (GFC) مؤسسة مملوكة للدولة تابعة لوزارة الصناعة. في نوفمبر 2018، وقعت شركة OAO Stroytransgaz الروسية عقداً قابلاً للتجديد لمدة 40 عاماً لاستغلال مصانع GFC، بهدف الوصول إلى سعة التصميم (1,600 طن/يوم من الأسمدة) مع حصة أرباح 65% للجانب الروسي. كما تم تشكيل مشروع مشترك بين OAO Stroytransgaz و GECOPHAM لتعدين الفوسفات بسعة 2.2 مليون طن/سنة، ولكن لم يتم الإبلاغ عن أي تقدم بحلول عام 2020.
على صعيد القطاع الخاص، تعمل شركات مثل شركة شقور الزراعية، المتخصصة في استيراد وتوزيع المبيدات والأسمدة الزراعية منذ عام 1974، ولديها شبكة توزيع واسعة. كما تقوم الشركة السورية للأسمدة (SFCO) بالتصنيع في مدينة عدرا الصناعية. وتوجد العديد من الشركات الخاصة الأخرى العاملة في تصنيع واستيراد وتصدير وتوزيع الأسمدة.
يشير هذا التنوع إلى أن نموذج الاستثمار الأجنبي في إحياء وتحسين المرافق المملوكة للدولة، ربما من خلال عقود إدارة طويلة الأجل أو مشاريع مشتركة، هو نموذج قابل للتطبيق. كما أن وجود قطاع خاص نشط في التوزيع والإنتاج على نطاق أصغر يوفر فرص شراكة.
استهلاك الأسمدة، الاعتماد على الاستيراد، وإمكانات التصدير
نما الطلب على الأسمدة في سوريا بنسبة 13.6% سنوياً في المتوسط منذ عام 2007. ومن المتوقع أن تصبح سوريا الدولة رقم 90 عالمياً في استيراد الأسمدة بحلول عام 2026. استوردت سوريا 16,860 طناً مترياً من الأسمدة في عام 2021. وفي عام 2023، استوردت 2.64 مليون دولار من “خلطات الأسمدة في أقراص أو عبوات <10 كجم”، بشكل أساسي من بلجيكا وتركيا وإيطاليا وإسبانيا وألمانيا. وفي المقابل، لم تصدر سوريا أي كمية من هذه الفئة في عام 2023. كانت سوريا أسرع مستورد للأسمدة نمواً في الشرق الأوسط بمعدل نمو سنوي مركب قدره 14.3% بين عامي 2013 و 2024.
فيما يتعلق بالصادرات، تجاوزت صادرات الفوسفات الصخري 400 ألف طن في عام 2020، متجهة إلى صربيا وأوكرانيا عبر ميناء طرطوس. وفي مايو 2025، كانت شحنة ثالثة من الفوسفات السوري عالي الجودة بحجم 30 ألف طن تستعد للمغادرة من ميناء طرطوس إلى رومانيا. وقد تلقت سوريا عروضاً وطلبات جديدة من دول أجنبية بعد استئناف صادرات الفوسفات.
يشير هذا إلى أن السوق المحلية للأسمدة قوية وتعاني من نقص الإمدادات، مدفوعة بطلب مرتفع ومتزايد. فالإنتاج المحلي الذي يمكن أن يحل محل الواردات سيجد سوقاً جاهزاً. كما توجد إمكانات كبيرة لتصدير الأسمدة الفوسفاتية ذات القيمة المضافة بدلاً من المواد الخام.
الجدول 3: اتجاهات استهلاك الأسمدة واستيرادها في سوريا (2022-2024)
المؤشر |
2022 |
2023 |
2024 (تقديري) |
استهلاك الأسمدة (كجم/هكتار من الأراضي الصالحة للزراعة) |
6.4 |
– |
– |
واردات الأسمدة (طن متري) |
– |
– |
16,860 (2021) |
قيمة واردات خلطات الأسمدة المعبأة (<10 كجم) (مليون دولار) |
– |
2.64 |
– |
صادرات خلطات الأسمدة المعبأة (<10 كجم) (مليون دولار) |
– |
0 |
– |
معدل النمو السنوي المركب لواردات الأسمدة في الشرق الأوسط (%) |
– |
– |
+14.3% (2013-2024) |
تحليل بيئة الاستثمار: الفرص والعقبات
تتسم بيئة الاستثمار في سوريا بفرص واعدة مدفوعة بالموارد الطبيعية، ولكنها تتخللها عقبات كبيرة تتعلق بالبنية التحتية والتكاليف والبيئة التنظيمية.
المزايا الاستراتيجية: وفرة المواد الخام
تتمتع سوريا بميزة استراتيجية كبيرة بفضل احتياطياتها الوفيرة من المواد الخام اللازمة لإنتاج الأسمدة:
- الفوسفات: تمتلك سوريا احتياطيات فوسفات صخري واسعة النطاق، تقدر بحوالي 1.7 مليار إلى 2 مليار طن، وتعتبر ذات جودة عالية (محتوى 31-32% من أكسيد الفوسفور). تتركز هذه الاحتياطيات في سلسلة تدمر (الخنيفس والشرقية والرحيم).
- الغاز الطبيعي: تبلغ الاحتياطيات المؤكدة من الغاز الطبيعي 300 مليار متر مكعب في عام 2020. ويعد الغاز الطبيعي وقوداً مهماً لتوليد الطاقة ولتصنيع المواد الكيميائية والبلاستيك، حيث يمثل الاستخدام غير الطاقي للغاز 64.7% من الاستهلاك النهائي في عام 2022، بينما يمثل الاستخدام الصناعي 35.3%. هذا يشير إلى أن الغاز الطبيعي هو مادة خام حاسمة لإنتاج الأسمدة.
- النفط الخام: تبلغ الاحتياطيات المؤكدة من النفط الخام 2.5 مليار برميل في عام 2020.
- الكبريت: تمتلك العراق المجاورة أكبر إمدادات مؤكدة من الكبريت، وتكلفة إنتاجه منخفضة (50-60 دولاراً للطن). الكبريت مادة خام رئيسية لإنتاج حمض الكبريتيك، وهو ضروري لإنتاج الأسمدة الفوسفاتية.
تمنح هذه الاحتياطيات المحلية من الفوسفات والغاز الطبيعي سوريا ميزة تكلفة كبيرة في إنتاج الأسمدة. فالحصول على عقود طويلة الأجل ومواتية لإمدادات الغاز الطبيعي سيكون أمراً بالغ الأهمية لربحية أي استثمار.
أوجه القصور في البنية التحتية: شبكات الطاقة والمياه والنقل
تعتبر البنية التحتية المتضررة تحدياً رئيسياً للاستثمار الصناعي في سوريا:
الطاقة: دمر حوالي 70% من البنية التحتية في سوريا. وتكبدت البنية التحتية للكهرباء أضراراً تتراوح بين 35 مليار دولار و 120 مليار دولار. يتراوح توفر الكهرباء حالياً بين 2-8 ساعات يومياً، ويتطلب توفير الطاقة
- على مدار الساعة 23 مليون متر مكعب من الغاز يومياً. تعاني المناطق الصناعية من ارتفاع رسوم الكهرباء وعدم كفاية الإمدادات. على الرغم من أن السعر الرسمي للكهرباء للأعمال التجارية منخفض (0.016 دولار/كيلوواط ساعة) ، إلا أن هذا يخفي التكاليف الحقيقية المرتفعة الناتجة عن الاعتماد على المولدات الاحتياطية وتكاليف الوقود المرتبطة بها.
- المياه: تعاني المناطق الحضرية من نقص المياه، وتتعرض طبقات المياه الجوفية للاستغلال المفرط، ويأتي ثلث موارد المياه من خارج البلاد. بلغ عجز المياه 36 مليون متر مكعب في عام 2022. ومن المتوقع أن يزداد الطلب الصناعي على المياه بنسبة 2% سنوياً. تبلغ تعرفة المياه للمجتمعات التجارية 0.45 دولار/م3. وقد تم استخدام المياه المعالجة في القطاع الصناعي (65% من الاستهلاك في عام 2008).
- النقل: تضرر 70% من البنية التحتية للنقل. يستخدم ميناء طرطوس لتصدير الفوسفات. وقد تم توقيع مذكرة تفاهم بقيمة 800 مليون دولار مع موانئ دبي العالمية لتطوير ميناء طرطوس، بما في ذلك المناطق الصناعية والتجارية الحرة. كما توجد اتفاقيات لإنشاء موانئ جافة في المناطق الحرة (عدرا، حمص) مع شركات فرنسية وصينية.
تشكل أوجه القصور في البنية التحتية قيوداً تشغيلية رئيسية. يجب على المستثمرين أن يأخذوا في الاعتبار التكاليف الكبيرة لحلول الطاقة والمياه (مثل الطاقة الشمسية ومعالجة مياه الصرف الصحي). ومع ذلك، فإن الاستثمارات الكبيرة في الموانئ والموانئ الجافة تشير إلى تحسن الخدمات اللوجستية للتجارة.
ديناميكيات التكلفة: المواد الخام، العمالة، ونفقات البناء
تؤثر ديناميكيات التكلفة بشكل كبير على جدوى الاستثمار:
- المواد الخام: تمثل المواد الخام الحصة الأكبر (73.9%) من نفقات التشغيل لإنتاج اليوريا. يتطلب إنتاج طن واحد من الأمونيا حوالي 36 مليون وحدة حرارية بريطانية من الغاز الطبيعي و 1.2 طن من الماء. ويتطلب إنتاج طن واحد من اليوريا 0.58 طن من الأمونيا و 0.75 طن من ثاني أكسيد الكربون و 5.2 مليون وحدة حرارية بريطانية من الغاز الطبيعي و 1.25 طن من الماء. وقد حصل مصنع إيراني على الغاز الطبيعي بسعر 0.60 دولار/مليون وحدة حرارية بريطانية والمياه بسعر 0.012 دولار/م3.
- العمالة: تعاني سوريا من فقدان رأس المال البشري وانهيار القطاع الصناعي مع هروب الكفاءات والمهنيين. تتراوح أجور عمال البناء في شمال سوريا بين 7 و 12 دولاراً في اليوم.
- البناء: ارتفعت أسعار مواد البناء بنسبة 20% في شمال سوريا (الصلب من 610 دولارات إلى 670 دولاراً للطن، الأسمنت من 103 دولارات إلى 123 دولاراً للطن). تقدر تكلفة إعادة إعمار البلاد بأكثر من 250 مليار دولار.
- تكاليف بناء المصانع: تتطلب مصانع الأسمدة الكبيرة رؤوس أموال ضخمة. على سبيل المثال، بلغت تكلفة مصنع فوسفات سعودي 921 مليون دولار كعقود، و 24 مليار دولار إجمالاً لإنتاج 3 ملايين طن/سنة. وبلغت تكلفة المرحلة الأولى من مصنع يوريا إيراني 675 مليون دولار لإنتاج 1.2 مليون طن/سنة. في المقابل، تتراوح تكلفة إنشاء مصنع NPK صغير الحجم بين 120 ألف دولار و 150 ألف دولار ، وتتراوح تكلفة مصانع الأسمدة العضوية/المركبة بين 10 آلاف دولار و 1.2 مليون دولار.
- تكاليف الأراضي: في مدينة عدرا الصناعية، بلغ سعر الأرض الصناعية 500 ألف دولار لمساحة 870 متر مربع. وفي مدينة الشيخ نجار، بلغ سعر الأرض 2000 ليرة سورية للمتر المربع (بيانات قديمة).
ستسيطر تكاليف المواد الخام على نفقات التشغيل، مما يجعل الوصول إلى المصادر المحلية أمراً حاسماً. العمالة متاحة ولكن هناك نقص في العمالة الماهرة. ترتفع تكاليف البناء، مما يجعل النفقات الرأسمالية كبيرة. تتطلب مصانع الأسمدة الجديدة والكبيرة رؤوس أموال ضخمة، ولكن العمليات الأصغر حجماً أكثر سهولة.
الجدول 4: التكاليف الصناعية التقديرية في سوريا (لكل وحدة/طن)
العنصر |
الوحدة | التكلفة التقديرية | المصدر |
الغاز الطبيعي (لإنتاج الأمونيا) | مليون وحدة حرارية بريطانية | 0.60 دولار (في إيران) | |
الكهرباء (للأعمال التجارية) |
كيلوواط ساعة | 0.016 دولار (سعر رسمي) | |
المياه (للمجتمعات التجارية) |
متر مكعب | 0.45 دولار | |
الكبريت (تكلفة الإنتاج في العراق) | طن |
50-60 دولار |
|
الصلب (شمال سوريا) |
طن | 670 دولار | |
الأسمنت (شمال سوريا) |
طن |
123 دولار |
|
أجور العمال (بناء، شمال سوريا) | يوم |
7-12 دولار |
الإطار التنظيمي، الوصول المالي، والمنافسة
تبنت الحكومة الجديدة نهجاً اقتصادياً موجهاً نحو السوق الليبرالية. وتهدف وزارة الاقتصاد والصناعة إلى تعزيز القطاع الصناعي، وتشجيع الإنتاج المحلي، وجذب القطاع الخاص ورأس المال، وتقديم التسهيلات الضريبية. وقد منحت الوزارة تراخيص صناعية لـ 345 منشأة في الربع الأول من هذا العام، مما أدى إلى توفير 4,242 فرصة عمل.
ومع ذلك، لا تزال هناك تحديات كبيرة:
- الوصول المالي: هناك غياب للتمويل الكافي، حيث لا تستطيع البنوك المحلية تمويل مشاريع الإنتاج بسبب العزلة المالية واستبعاد سوريا من نظام سويفت (SWIFT).
- البيئة التنظيمية: هناك غياب للدعم الحكومي الكافي، وتأخر في التشريعات والتعليمات التنفيذية (مثل إعفاء الآلات وخطوط الإنتاج من الرسوم الجمركية). كما توجد تشوهات جمركية حيث تفرض رسوم على المواد الخام بمعدلات تفوق تلك المفروضة على المنتجات المستوردة.
- المنافسة: أدى تدفق السلع الأجنبية (مثل الملابس التركية) بأسعار أقل إلى فقدان المنتجات المحلية حصتها في السوق.
بينما تهدف الحكومة إلى دعم الصناعة، لا تزال هناك حواجز عملية ومالية. يحتاج المستثمرون إلى التعامل مع بيئة تنظيمية معقدة ومنافسة محتملة غير عادلة من الواردات. إعادة دمج سوريا في نظام سويفت أمر بالغ الأهمية لتسهيل المعاملات المالية.
توصيات استراتيجية للاستثمار في الأسمدة
يتطلب الاستثمار في صناعة الأسمدة في سوريا نهجاً استراتيجياً متعدد الأوجه لمعالجة التحديات الحالية والاستفادة من الفرص الناشئة.
الاستفادة من تخفيف العقوبات وتعزيز الشراكات الدولية
يفتح تخفيف العقوبات من قبل الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي والمملكة المتحدة نافذة مهمة لإعادة الانخراط الاقتصادي مع سوريا. وقد بدأت بالفعل عروض جديدة لتصدير الفوسفات من دول أجنبية ، بالإضافة إلى صفقات كبيرة مع شركات مثل CMA CGM الفرنسية و Fidi Contracting الصينية لتطوير الموانئ والموانئ الجافة.
التوصية: يجب على المستثمرين المحتملين الانخراط بنشاط مع الحكومة الانتقالية الجديدة لفهم الحوافز والضمانات المحددة للاستثمار الأجنبي المباشر. من الضروري إقامة شراكات استراتيجية مع الكيانات اللوجستية والمالية الدولية للتخفيف من المخاطر المالية والتجارية المتبقية. يمكن استكشاف المشاريع المشتركة مع الكيانات المملوكة للدولة (مثل GFC و GECOPHAM) أو الموزعين الخاصين الراسخين (مثل شقور و SFCO) للاستفادة من البنية التحتية والمعرفة السوقية الحالية، وربما اعتماد نماذج تقاسم الأرباح المشابهة لصفقة OAO Stroytransgaz الروسية.
إعطاء الأولوية لإعادة تأهيل البنية التحتية وتحديثها
تضرر حوالي 70% من البنية التحتية في سوريا، وهناك حاجة ماسة للاستثمار في شبكات النقل والكهرباء والمياه. تعاني المناطق الصناعية من ضعف الخدمات الأساسية.
التوصية: يجب دمج تطوير البنية التحتية في خطط الاستثمار. بالنسبة للطاقة، يمكن النظر في بناء محطات طاقة خاصة، لا سيما أنظمة الطاقة الشمسية الكهروضوئية، نظراً للإمكانيات الشمسية العالية ونجاح مبادرات اليونيسف في مضخات المياه التي تعمل بالطاقة الشمسية. أما بالنسبة للمياه، فيمكن الاستثمار في مرافق معالجة وإعادة تدوير المياه المتقدمة، بالاستفادة من الممارسة الحالية لإعادة استخدام مياه الصرف الصناعي وخطط الحكومة لإنشاء محطات معالجة جديدة. كما يجب التعاون مع مشاريع تطوير الموانئ والموانئ الجافة الجارية لتحسين الخدمات اللوجستية لاستيراد المواد الخام وتصدير المنتجات النهائية.
تعزيز القدرة الإنتاجية المحلية والقيمة المضافة
تمتلك سوريا احتياطيات هائلة من الفوسفات والغاز الطبيعي. ومع ذلك، فإن الإنتاج الحالي للأسمدة النهائية غير كافٍ، مما يؤدي إلى الاعتماد على الاستيراد على الرغم من وفرة المواد الخام. ويعد تحويل الفوسفات الخام إلى أسمدة الخيار الاستراتيجي الأفضل.
التوصية: يجب أن يركز الاستثمار على توسيع وتحديث مرافق إنتاج الأسمدة القائمة (مثل GFC في حمص) أو إنشاء مصانع جديدة للمنتجات ذات الطلب المرتفع مثل اليوريا ونترات الأمونيوم والسوبر فوسفات الثلاثي (TSP). يجب إعطاء الأولوية لإضافة القيمة من خلال تحويل الفوسفات الخام إلى أسمدة جاهزة للاستهلاك المحلي والتصدير، بدلاً من مجرد بيع المواد الخام.
التغلب على الحواجز المالية والتنظيمية
تعاني سوريا من عزلة مالية واستبعاد من نظام سويفت، مما يعيق قدرة البنوك المحلية على تمويل المشاريع. كما تواجه البلاد تضخماً مرتفعاً وانخفاضاً في قيمة العملة. وتوجد تشوهات جمركية وتأخر في تنفيذ السياسات الداعمة.
التوصية: يجب الدعوة إلى إعادة دمج سوريا الكاملة في النظام المصرفي الدولي، وخاصة نظام سويفت، لتسهيل التحويلات المالية وتمويل المشاريع. من المهم الانخراط مع وزارة الاقتصاد والصناعة لضمان سياسات جمركية شفافة وعادلة تحمي الإنتاج المحلي، ربما من خلال رسوم جمركية تدريجية على الأسمدة النهائية المستوردة مع إعفاء المواد الخام والآلات. يجب السعي إلى إطار قانوني وتنظيمي واضح وقابل للتنفيذ للاستثمار لضمان القدرة على التنبؤ وحماية الأصول.
دمج الممارسات الزراعية الذكية مناخياً
يؤثر تغير المناخ بشكل كبير على الزراعة في سوريا (الجفاف، ندرة المياه). وهناك حاجة إلى تقنيات وممارسات مقاومة للمناخ. كما أن استخدام الأسمدة بشكل غير صحيح من قبل المزارعين بسبب النفور من المخاطر يقلل من كفاءة الإنتاج.
التوصية: يجب تطوير وتعزيز منتجات الأسمدة المصممة خصيصاً للزراعة المقاومة للمناخ (مثل دعم المحاصيل المقاومة للجفاف، وتوصيل المغذيات بكفاءة). الاستثمار في خدمات الإرشاد الزراعي وبرامج تعليم المزارعين لتحسين استخدام الأسمدة، وزيادة الغلة، وبناء علاقات طويلة الأمد مع المجتمع الزراعي. يتوافق هذا النهج مع أهداف الأمن الغذائي والتكيف مع المناخ الوطنية.
الخلاصة
تمثل صناعة الأسمدة في سوريا فرصة استثمارية معقدة ولكنها واعدة في مرحلة ما بعد الصراع. فمن ناحية، توفر الاحتياطيات الهائلة من الفوسفات والغاز الطبيعي، بالإضافة إلى الطلب المحلي المتزايد على الأسمدة لتحقيق الأمن الغذائي، أساساً قوياً للنمو. ومن ناحية أخرى، تتطلب التحديات الكبيرة في البنية التحتية والبيئة المالية والتنظيمية، بالإضافة إلى المخاطر الجيوسياسية المتبقية، تخطيطاً دقيقاً وإدارة مخاطر قوية.
إن التحول نحو نهج السوق الحر وتخفيف العقوبات الدولية يفتحان الأبواب أمام رأس المال الأجنبي، ولكن نجاح الاستثمار سيعتمد بشكل كبير على قدرة الحكومة الانتقالية على تنفيذ إصلاحات شاملة، وتوفير بيئة أعمال مستقرة وشفافة، ومعالجة أوجه القصور في البنية التحتية. يمكن للمستثمرين الذين يتبنون نهجاً طويل الأجل، ويركزون على إضافة القيمة، ويدمجون حلولاً مستدامة (خاصة في الطاقة والمياه)، ويقيمون شراكات استراتيجية مع الكيانات المحلية والدولية، أن يجدوا فرصاً مجزية في إعادة بناء هذا القطاع الحيوي للاقتصاد السوري.
Share this content: